سورة الليل ::
تفسير الجلالين ::
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى
" وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى " بِظُلْمَتِهِ كُلّ مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض
وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)
وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى
" وَالنَّهَار إِذَا تَجَلَّى " تَكَشَّفَ وَظَهَرَ وَإِذَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِمُجَرَّدِ الظَّرْفِيَّة وَالْعَامِل فِيهَا فِعْل الْقَسَم
وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)
وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى
" وَمَا " بِمَعْنَى مَنْ أَوْ مَصْدَرِيَّة " خَلَقَ الذَّكَر وَالْأُنْثَى " آدَم وَحَوَّاء وَكُلّ ذَكَر وَكُلّ أُنْثَى , وَالْخُنْثَى الْمُشْكِل عِنْدنَا ذَكَر أَوْ أُنْثَى عِنْد اللَّه تَعَالَى فَيَحْنَث بِتَكْلِيمِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّم ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى
" إِنَّ سَعْيكُمْ " عَمَلكُمْ " لَشَتَّى " مُخْتَلِف فَعَامِل لِلْجَنَّةِ بِالطَّاعَةِ وَعَامِل لِلنَّارِ بِالْمَعْصِيَةِ
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى
" فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى " حَقّ اللَّه " وَاتَّقَى " اللَّه
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى
" وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى " أَيْ بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه فِي الْمَوْضِعَيْنِ
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى
" فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى " لِلْجَنَّةِ
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى
" وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ " بِحَقِّ اللَّه " وَاسْتَغْنَى " عَنْ ثَوَابه
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)
كذب بلا اله الا الله وما دلت عليه وما ترتب عليها من جزاء
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى
" فَسَنُيَسِّرُهُ " نُهَيِّئهُ " لِلْعُسْرَى " لِلنَّارِ
وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)
وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى
" وَمَا " نَافِيَة " يُغْنِي عَنْهُ مَاله إِذَا تَرَدَّى " فِي النَّار
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى
" إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى " لَتَبْيِين طَرِيق الْهُدَى مِنْ طَرِيق الضَّلَال لِيَمْتَثِل أَمْرنَا بِسُلُوكِ الْأَوَّل وَنَهْينَا عَنْ اِرْتِكَاب الثَّانِي
وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى (13)
وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى
" وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَة وَالْأُولَى " أَيْ الدُّنْيَا فَمَنْ طَلَبَهُمَا مِنْ غَيْرنَا فَقَدْ أَخْطَأَ
فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14)
فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى
" فَأَنْذَرْتُكُمْ " خَوَّفْتُكُمْ يَا أَهْل مَكَّة " نَارًا تَلَظَّى " بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ مِنْ الْأَصْل وَقُرِئَ بِثُبُوتِهَا , أَيْ تَتَوَقَّد
لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15)
لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى
" لَا يَصْلَاهَا " يَدْخُلهَا " إِلَّا الْأَشْقَى " بِمَعْنَى الشَّقِيّ
الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)
الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى
" الَّذِي كَذَّبَ " النَّبِيّ " وَتَوَلَّى " عَنْ الْإِيمَان وَهَذَا الْحَصْر مُؤَوَّل لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء " فَيَكُون الْمُرَاد الصِّلِيّ الْمُؤَبَّد
وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)
وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى
" وَسَيُجَنَّبُهَا " يُبْعَد عَنْهَا " الْأَتْقَى " بِمَعْنَى التَّقِيّ
الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18)
الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى
" " الَّذِي يُؤْتِي مَاله يَتَزَكَّى " مُتَزَكِّيًا بِهِ عِنْد اللَّه تَعَالَى بِأَنْ يُخْرِجهُ لِلَّهِ تَعَالَى لَا رِيَاء وَلَا سُمْعَة , فَيَكُون زَاكِيًا عِنْد اللَّه , وَهَذَا نَزَلَ فِي الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَمَّا اِشْتَرَى بِلَالًا الْمُعَذَّب عَلَى إِيمَانه وَأَعْتَقَهُ , فَقَالَ الْكُفَّار : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَدٍ كَانَتْ لَهُ عِنْده فَنَزَلَتْ .
" وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى "
وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19)
ليس انفاقه مكافأه لأحد اسدى اليه معروفا
إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20)
إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى
" إِلَّا " لَكِنْ فَعَلَ ذَلِكَ " اِبْتِغَاء وَجْه رَبّه الْأَعْلَى " أَيْ طَلَب ثَوَاب اللَّه
وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)
وَلَسَوْفَ يَرْضَى
" وَلَسَوْفَ يَرْضَى " بِمَا يُعْطَاهُ مِنْ الثَّوَاب فِي الْجَنَّة وَالْآيَة تَشْمَل مَنْ فَعَلَ مِثْل فِعْله رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ فَيُبْعَد عَنْ النَّار وَيُثَاب .
مضمون السورة ::
سورة الليل
تتحدث السورة عن سعي الإنسان وعمله وكفاحه في الحياة ، ثم تتحدث عن نهايته إما إلى النعيم أو إلى الجحيم .
1- ابتدأت بالقسم بالليل إذا غشي الخلائق ، وبالنهار إذا أنار الوجود ، وبالخالق العظيم للذكر و الأنثى ، أن عمل الخلائق مختلف ، وطريقهم متباين ، قال تعالى: ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى {1} وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى {2} وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى {3} إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى {4})
2- وضّحت سبيل السعادة وسبيل الشقاء ، وبيّنت طريق طالب النجاة و بيّنت أوصاف الأبرار والفجار و أهل الجنة و أهل النار ، قال تعالى: ( فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى {5} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى {6} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى {7} وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى {8} وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى {9} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى {10})
3-نبّهت لاغترار الناس بأموالهم وثرواتهم وهي لا تنفعهم شيئا يوم القيامة وذكّرتهم بالحكمة من توضيح طريق الخير والشر ، قال تعالى : ( وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى {11} إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى {12} وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى{13})
4-حذّرت أهل مكة من عقاب الله وانتقامه من المكذبين بآياته ورسوله و أنذرتهم: من النار وعذابها ، قال تعالى : ( فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى {14} لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى {15} الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى{16} )
5- ختمت بذكر نموذج المؤمن الصالح الذي ينفق في وجوه الخير ليزكي نفسه ويصونها من عقاب الله ، وضربت مثلا بأبي بكر رضي الله عنه حين اشترى بلالاً و أعتقه في سبيل الله ، قال تعالى: ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى {17} الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى {18} وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى {19} إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى {20} وَلَسَوْفَ يَرْضَى {21} ) .
رابط لاستماع السورة ::