وتغيـــرت حياة محمــود ....
وأصبــح محافـظاً علي الصــلاة
حريصــاً علي السنن والنــوافل ،،
يقــوم الليل كلـه لله ، إبتســامته لا تُفـــارق شفتيه...
سبحــان الله لا أحــد يُــصدق أن هذا سيمــوت بعد أيــام وسوف يُنفذ فيه الحــكم .
***
ومـرت الأيام ليحـــفظ محمـودٌ القــرآن كـــاملاً ،،،
و يبكي في جوف الليل علي معاصيه وذنوبه ،
يــآآآ ربـى أيـن كنتُ أنا من هذه السعــادة العـظيمـة ؟!
و قـطرات المياه التي تـنزل من يده وهو يتوضــئ ،
كـانت تمـر على ذاكرته صورة والده وهو يتوضـئ للصــلاة بينــما هو يحـاول الهروب قبل أن يجبره والده علي الذهــاب إلى المسجد !
لقـد أدرك محمـود أن ذنـوبه تنزل في وضوئـه مع قـطرات الماء ...
فظــل يواظب علي الوضوء ف كل صلاه ،،
إن أنسـه وسعادته وراحتـه في وقــوفـه بين يدي مـولاه .
***
هل تعلمـون كيف أصبـح حال محمـود ؟؟!
لقد أصبـح يصـوم يومــاً ويُــفـطر يوماً "صيام نبينا داوود"
لقد أصبح يرتـل القرآن بصــوت ندي يُبكــي من يسمعـه
تغيـر حديثه كثيــراً فأمس لا يتحدث إلا عن الجنــة والنعيــم والحور العيـن والأنهــار والثمار وصحبــة النبي المختــار صــلى الله عليه وسلم
لقــد كان مثاليــاً في تقــواه
لقــد كان مثاليــاً في هــداه
لقــد كان مثاليــاً في خلقــه ونداه
أقســم بالله لكم يا شبــاب ... اقسـم بالله لكم يا فتيــات
إتصـل أحد الأخـوه الذين أخبروا عن هذه القصـة وقــال : ل
قد أصبــح محمـود مثال الداعيــة الصادق و الواعــظ الصادق
إذا قلت له أوعـظني قال : غــداً تلقــى الله
***
يقــول مدير السجــن : حتي أتم المدة التي قُررت له رسمياً ،،
في صبيحـة اليـوم الذي ينفذ فيه حـكم القصــاص
كــان محمـودصائمـاً متعـطراً متطيبــاً متنظفــاً متطهــراً ،
قد جلس علي سجــادة
الصـلاة مسقبلاً القبلــــة ينــاجي ربه الذي عن قريب سيرحل إليــه ، ومن بعيد
صوت أقـدام تقترب وصوت مفاتيح تتأرجـح في يد ذلك القــادم
كــانت الساعه السابعـه صباحاً ...وفــجأة إذن بباب زنزانة محمــود يُفتــح ،،
نـظر ذلك الشرطي مبتسمــاً وكان بجــواره مدير السجـن
وألقـوا التحيـة علي محمــود : الســلام عليكم ورحمــة الله وبركاته
فأجاب محمـود : وعليكم الســلام ورحمـة الله وبركاته
نعــــم .... أعلــم أن لدي اليوم مـــوعد
أشعــر أن إفطــاري اليوم في الجنــة
ولم يتمالك مدير السجن نفسـة فاحتضنن محمود وبكــى
وهو يقــول : ما أعظمــك يا محمـود
وأمسك محمود يد مدير السجن وألقـى نــظرة الوداع علي زنزانة السعـــادة
الزنزانة التي عرف فيها رمضــان
الزنزانة التي عرف فيها رمضــان وبكــى فيها للرحمــن وطلب فيها الغفـران
الزنزانة التي أحبها أكثر من نفســه ، كم خـلا فيها باكياً من ذنوبه ومعاصيــه
الزنزانة التي حــفظ فيها القــرآن
كم كان يود أن يودع الزنزانة حجراً حجراً وزاوية زاويـة
عندما خرج محمود ضـجت بقية النزنازين بالتكبيــــر
الله أكبـــر يا محمــــود إنها الجنــة !
لا تنســى الشهــادة يا محمـــــود !
لا إلــه إلا الله عليها عشت وعليها ستــموت يا محمود !
وهنــا بكــى محمـــــــود
بكـــى وبكــــى ........
تمني أن يعانق كل سجيـن هنــا
وأن يهمس في أذنـه ويقــول :
أيها السجين سعادتك في طـاعة الرحمــن .
***
ومضــى محمود في ذلك الممر الطــويل وسط التكبير والهتــاف
وخــرج ليري الشمس والدنيا بعد زمــنا طووويــل ....
ثم ذهب إلي ساحـة تنفيذ الحكــم ومحمـود طوال الطريق ذاكراً مسغفراً ربـه
أنــُزل محمـود من السيارة وهو معــصوب العينين وقُرب إلي مكان تنفيذ الحكـــم
وقبل أن يقرأ البيان الصادر من وزارة الداخليــة .....
تقدم مجموعه من الدعاة إلي أسرة القتيلين بأي شيـــك يكتب عليها أي مبلــغ ،
لكــنهم رفضـوا إلا أن يقــام شرع الله عزوجل وهناك قُدّم محمود
وبدأ الاستغفار
والتسبيح بقلبٍ ثـــابت مطمئن ....
إنـه يعلم .......
إنـه يعلم أن هذا الحــدّ كفــارة لــه.......
إنـه يعلم أن هذا الحــدّ كفــارة لــه في الدنيا وحماية له من عذاب يوم القيامة .
وحمــل السيــاف سيفه وقربه إلي رقبــــة محمـــود ..........
وهنـــــــا ......
وهنــا أحس محمــود برائحــة الجنــة ......
إنــه التائب الذي يرجـوا أن يتقبله ربـه سبحــانه وتعالي .......
إنـــه التـائب في رمــضان ...
الذي قاده رمـضان إلي الرضــوان ..
***
ورحــل محمــود إلى خالقــه سبحانه وتعالى
رحــل في نهــاية المطــاف ... صـادقاً مخلصـاً تقياً
رحل وياليـت كل الراحلين كمــحمود ..
رحل ليخبــر الشباب والفتيــات أن الرجــوع إلي الله أمــر لازم
وأن التــوبة إلي الله ممكنــة وحتي لو تأكدت من الموت .
رحــل محمــود ليقابل الرحمـــــن ....
رحــل إلي الجنــان ليقابل النبي العدنــان صلـى الله عليه وسلم.