والعجب أنّنا نحرص على أموالنا من السرقة
ولا نحرص على حسنات نكابد كلّ يومٍ في جمعها من السّرقة والضياع
من صلاةٍ وتلاوةٍ ودعاءٍ وأعمال خير نرجو من الله قبولها
ثمّ نسمح لمن يُجالسنا أن يفتح باباً واسعاً لسرقتها بسهولة !
وقد سئل أحد المشايخ عن امرأة تقوم الليل وتصوم النهار وتختم القرآن كلّ شهر ..
ولكنّها لا تدع أحداً من غيبة وقد نصحت بلا فائدة !
وانظري للإجابة التي تقشعر منها الأبدان :
فقد قال : الله سخرها لتعمل لغيرها !!
فتأملي .. أيّ شيءٍ أهنأ من حسنةٍ نجدها في صحائفنا
لم نعمل بها ولم نعلم عنها بسبب غيبة غيرنا لنا !
ولو عفونا عنهم لكان الثواب - بإذن الله - أكبر والجزاء أعظم
ولننظر اليوم في أحوالنا :
كم من كلماتِ بهتان بغير حقٍّ على صفحات الإنترنت ؟
ونقرأها وقد ننقلها أو نتتبّع الفضائح هنا وهناك
ولا ننكرها حتى بقلوبنا ؟
فنصبح وكأننا شاركنا في الغيبة أو البهتان ( وهو أعظم ) !
وأين الذبّ عن عرض الإخوان ؟
( من ذب ّعن عرض أخيه بالغيبة، كان حقّاً على الله أن يعتقه من النّار ) صحيح
ولنتعجّب من أحوالنا لو رأينا أحداً في الشارع أصيب بحادث
ثمّ انكشفت عورته ؛ لأسرع أحدنا ليغطيه
ولكن نتأمّل كيف نُسارع لنشر العيوب والفضائح هنا وهناك ؟
ولا نستر العورات ولا نواري السيئات ؟
و( من ستر مسلماً ستره الله في الدّنيا والآخرة ) صحيح
وعندما نسمع عن بقعة زيتٍ تسرّبت في بحر
ونسمع عن جهودهم في إزالتها ، وهي بقعةٌ فقط في بحرٍ !
ونتذكّر حديث عائشة رضي الله عنها
عندما أشارت إلى صفية رضي الله عنها بأنّها قصيرة
( فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت كلمة لومزجت بماء البحر لمزجته ) صحيح
مزجته : خالطته مخالطةً يتغيّر بها طعمه أو ريحه لشدة نتنها
فكيف بكلماتٍ مزجت بحاراً وبحاراً نتناولها كفاكهةٍ لمجالسنا ؟
ولا سبيل لتنظيف هذه البحار إلا بالتّوبة والاستغفار وذكر محاسن من اغتبناه والدّعاء له
فهي كبيرةٌ من الكبائر لا تكفّر بصلاة أو تلاوةٍ أو كفارة مجلس
ونتذكّر .. أنّ كلّ الأطعمة التي نأكلها تزيلها الفرشاة ليلاً لو عّلِقتْ بأسناننا ..
[ عدا الّلحوم البشرية ] !!
:
ولنعلم أنّه لا يغتابُ أحدٌ أحداً – والله أعلم بما في القلوب -
إلا لأنّه يريد أن يشفي غيظه أو لهوىً في نفسه
أو بسبب حسدٍ أو غيرةٍ منه أو ليُجاري أصحابه خشية أن يفقدهم
أو ربّما أراد أن يرفع نفسه بتنقيص غيره أوالاستهزاء بهم
أو ليضحك النّاس بمزاحٍ سمج ليحبّوه ويسعدوا بمجلسه معهم
وأيّ كلمةٍ يقولها أحد على غيره فليعلم أنّها ستُقال عنه يوماً ما !
فليتداركها بكثرة الاستغفار واالتّوبة .. قبل أن يُجازى بها في الدّنيا قبل الآخرة !
فكم من كلمةٍ قالتها إحداهنّ في يومٍ ما عن غيرها
( بخيلة ، قذرة ، سيرتها سيئة ، ما تستحي ، لسانها طويل ، ... إلخ .. )
ثمّ تُفاجأ بأنّها تُقال عنها في يوم من الأيام !
حلول عملية لترك الغيبة
وإليك بضع نقاط تساعدك على ترك الغيبة بإذن الله :
1- الاستعانة بالدّعاء واللجوء لله ليعينك على ترك الغيبة
2- البعد عن صحبة السّوء واختيار الصّحبة الصّالحة
3-
حسن الظّن بالآخرين، وعدم الاستهزاء بأحد ، والانشغال بعيوب نفسك
4- ما ستقولينه عن الآخرين سيقال عنكِ يوماً ما ؛
فاختاري ما سيُقال عنكِ !
5-
الصّدقة والاستغفار عن كلّ من اغتبتِ حتى لا تحاسبي بالحسنات يوم القيامة
6- الحذر من
خداع الشيطان حين يفتح أبواباً جديدة للغيبة
مثل الشفقة عليه ، أو الغضب لله ، أو التحذير منه ، أو أيّ مبرّر آخر
7- الله لن يسألك عن فلانة لماذا لم تتكلمي عنها أو تنتقديها أو تسبّيها أو تنتقصي منها !
ولكنّه سيسألك عن كلّ كلمةٍ نطقتها شفتاكِ ، وتحاولين أن تبرري فعلك هذا لنفسكِ أو غيركِ
ولا عذر لكِ عند الله !
فتخففي من كلماتكِ .. فوراءكِ حسابٌ دقيق !
8- تذكري دائماً أنّك تجمعين حسناتك بصعوبة ، فحافظي عليها
ولا تُؤثري غيرك بإهدائها لهم بسهولة عندما تغتابيهم
الوَعدُ الصّادِق
:
وعدٌ صادقٌ لِمن يحفظ لسانهُ عن الوقوع فيما حرّم الله وعن الكبائر
قال تعالى :
{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً } النساء31
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من يضمنُ لي مَا بينَ لحْييهِ ومَا بينَ رجليهِ ؛أضمنُ لهُ الجنّة )
:
وقانا الله وإيّاكم شرّ الغيبة والنميمة
وغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا
اللهم آآآمين *
:
()
:
: