أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل



https://adlat.net/showthread.php?t=260244
2526 3
#1

129878 فضل العلم وشرف أهله

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أما بعد:
فهذا تذكير بفضل العلم وشرف أهله من كلام العلامة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله، نقلته نصحاً للأمة ونشراً لعلم هذا العالم الرباني، واللهَ أسألُ أن ينفعني والقارئ الكريم به.

قال العلامة ابن باز رحمه الله: الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذه كلمة موجزة في: فضل العلم، وشرف أهله.
لقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على فضل العلم والتفقه في الدين، وما يترتب على ذلك من الخير العظيم والأجر الجزيل، والذكر الجميل، والعاقبة الحميدة لمن أصلح الله نيته، ومَنَّ عليه بالتوفيق.
والنصوص في هذا كثيرة معلومة، ويكفي في شرف العلم وأهله أن الله عز وجل استشهدهم على وحدانيته، وأخبر أنهم هم الذين يخشونه على الحقيقة والكمال، قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فاستشهد الملائكة وأولي العلم على وحدانيته سبحانه، وهم العلماء بالله، العلماء بدينه الذين يخشونه سبحانه ويراقبونه، ويقفون عند حدوده، كما قال الله عز وجل: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
ومعلوم أن كل مسلم يخشى الله، وكل مؤمن يخشى الله، ولكن الخشية الكاملة إنما هي لأهل العلم، وعلى رأسهم الرسلُ عليهم الصلاة والسلام، ثم من يليهم من العلماء على طبقاتهم، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، فالخشية لله حق، والخشية الكاملة إنما هي من أهل العلم بالله والبصيرة به، وبأسمائه، وصفاته، وعظيمِ حقه سبحانه وتعالى، وأرفعُ الناس في ذلك هم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم يليهم أهل العلم على اختلاف طبقاتهم في علمهم بالله ودينه.
والجدير بالعالم أينما كان، وبطالب العلم، أن يُعنى بهذا الأمر، وأن يخشى الله، وأن يراقبه في كل أموره، في طلبه للعلم، وفي عمله بالعلم، وفي نشره للعلم، وفي كل ما يلزمه من حق الله، وحق عباده، وقد ثبت عنه صل الله عليه وسلم في الصحيحين في حديث معاوية رضي الله عنه، أنه صل الله عليه وسلم قال: «من يُرِد الله به خيرا يُفَقِّهُّه في الدين».
وهذا الحديث العظيم له شواهد أخرى، عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم، وهو يدل على أن من علامات الخير ودلائل السعادة، أن يَفْقَهَ العبدُ في دين الله، وكلُ طالب مخلص في أي جامعة أو معهد علمي أو غيرهما، إنما يريد هذا الفقه ويطلبه، وينشده. . فنسأل الله لهم في ذلك التوفيق والهداية وبلوغ الغاية.
ومن أعرض عن الفقه في الدين فذلك من العلامات على أن الله ما أراد به الخير، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه: «مثل ما بعثني الله به عز وجل من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا، فكانت منها طائفة طيبة، قبلت الماء فأنبتت الكَلَأَ والعشب الكثير، وكان منها أجادِبُ أمسكتِ الماءَ فنفع الله بها الناسَ، فشربوا منها وسقوا ورَعَوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قِيْعانٌ لا تُمسِك ماءً، ولا تُنبِتُ كَلَأً، فذلك مثلُ مَنْ فَقُهَ في دين الله، ونفعه بما بعثني الله به، فَعَلِمَ وعَلَّمَ، ومثلُ من لم يرفعْ بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أُرسِلتُ به»[هذا لفظ مسلم (2282)].
فالعلماء الذين وُفِّقوا لحمل هذا العلم طبقتان: إحداهما: حصَّلت العلمَ وَوُفِّقَتْ للعمل به، والتفقه فيه، واستنبطتْ منه الأحكام، فصاروا حفاظا وفقهاء، نقلوا العلم وعلموه الناس وفقهوهم فيه، وبصروهم ونفعوهم، فهم ما بين معلم ومقرئ، وما بين داع إلى الله عز وجل، ومدرس للعلم، إلى غير ذلك من وجوه التعليم والتفقيه.
أما الطبقة الثانية: فهم الذين حفظوه ونقلوه لمن فَجَّرَ ينابيعَه، واستنبط منه الأحكام، فصار للطائفتين الأجرُ العظيمُ، والثوابُ الجزيلُ، والنفعُ العميمُ للأمة.
وأما أكثر الخلق فهم كالقيعان التي لا تمسك ماء، ولا تنبت كَلَأً لإعراضهم وغفلتهم وعدم عنايتهم بالعلم.
فالعلماء وطلبة العلم في دور العلم الشرعي على خير عظيم، وعلى طريقٍ بحمدِ الله مستقيمٌ، لمن وفقه الله لإخلاص النية، والصدق في الطلب. وهنيئاً لطلبة العلم الشرعي أن يتفقهوا في دين الله، وأن يتبصروا فيما جاء به رسول الله صل الله عليه وسلم من الهدى والعلم، وأن ينافسوا في ذلك، وأن يصبروا على ما في ذلك من التعب والمشقة، فإن العلم لا يُنالُ براحة الجسم، بل لا بد من الجد والصبر والتعب، وهذا الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه في أبواب المواقيت من كتاب الصلاة لما ساق عدة أسانيد ذكر فيها عن يحيى بن أبي كثير رحمه الله أنه قال: (لا يُنالُ العلمُ براحة الجسم) ، ومقصوده رحمه الله من هذا التنبيه على أن تحصيل العلم والتفقه في الدين يحتاج إلى صبر ومثابرة، وعناية وحفظ للوقت، مع الإخلاص لله، وإرادة وجهه سبحانه وتعالى.
والدور العلمية التي يدرس فيهما العلم الشرعي، وهكذا المساجد التي تقام فيها الحلقات العلمية الشرعية، شأنها عظيم، وفائدتها كبيرة، لأنها مُهَيَّأَةٌ لنفع الناس وحل مشاكلهم.
فالمتخرجون فيها يرجى لهم الخير العظيم، والفائدة الكبيرة، والنفع العام، فلا ينبغي لمن من الله عليه بالعلم أن ينزوي عن نفع الناس وتفقيههم وتذكيرهم بالله، وبحقه وحق عباده، سواء كان ذلك من طريق التدريس أو القضاء أو الوعظ والتذكير، أو المذاكرة بين الزملاء والإخوان في المجالس العامة والخاصة، كما ينبغي لأهل العلم أن يشاركوا في نشر العلم عن طريق وسائل الإعلام، لعظم الفائدة في ذلك، ووصول العلم إلى ما شاء الله من أنحاء الأرض.
ومعلوم ما في ذلك من الخير العظيم، والنفع العام لله للمسلمين، وشدة الحاجة إلى ذلك في هذا العصر، بل في كل عصر، ولكن في هذا العصر أشد لقلة العلم وكثرة دعاة الباطل.
فالواجب على من رُزِقَ العلم، أن يتحمل المشقة في نفع الناس به: قضاء وتدريسا، ودعوة إلى الله عز وجل، وفي غير هذا من شئون المسلمين، حتى تحصل الفائدة الكبيرة، والثمرة العظيمة من هذا الطلب.
وطالب العلم يطلب العلم لينفعَ نفسه، ويخلِّصَها من الجهالة ويتقربَ إلى ربه عز وجل بما يرضيه، على بصيرة وحسن دراية، ولينفع الناس أيضا، ويخرجَهم من الظلمات إلى النور، ويقضيَ بينهم في مشاكلهم، ويصلح بينهم، ويعلم جاهلهم، ويرشد ضالهم، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر إلى غير ذلك.
ثم إني أوصى جميع إخواني المسلمين عامة، وأهل العلم وطلبته بصفة خاصة، ونفسي بتقوى الله عز وجل في كل الأمور، والعمل بالعلم بأداء فرائض الله، والبعد عن محارمه، لأن طالب العلم قدوة لغيره فيما يأتي ويَذَر في جميع الأحوال، في طريقه وفي بيته، وفي اجتماعه بالناس وفي سيارته، وفي طائرته وفي جميع الأحوال. فهو قدوة في الخير، عليه أن يراقب الله ويعمل بما علَّمه سبحانه، ويدعوَ الناس إلى الخير بقوله وعمله جميعا، حتى يتميزَ بين الناس ويُعرَفَ بعلمه وفضله، وهديه الصالح، وسيره على المنهج النبوي الذي سار عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وصحابتُه الكرام، رضي الله عنهم، مع العناية بالتواضع، وعدم التكبر.
فالعالم وغيره على خطر عظيم، تارَةً من جهة الرياء، وتارة من جهة الكبر، وتارة من جهات أخرى، ومقاصدَ متعددةٍ، فعليه أن يتقِيَ الله، ويخلصَ له العملَ، ويراقبَ اللهَ سبحانه وتعالى في جميع شؤونه، ويتواضعَ لعباد الله، ولا يتكبرَ عليهم بما أعطاه الله من العلم وحرَمَه كثيراً من الناس، فليشكر الله، ومن شُكْرِ الله التواضعُ، وعدمُ التكبر، ومن شكر الله نشرُ العلم في المساجد وفي غير المساجد.
وأيضا أوصي إخواني جميعا وعلى رأسهم أهل العلم وطلبته بالقرآن الكريم، فإنه أعظم كتاب، وأشرف كتاب، وقد حوى خير العلوم كلِّها وأنفعها كما لا يخفى، وهو أعظم عون بعد الله عز وجل على الفقه في الدين، والتبصر فيه، والخشية لله عز وجل، وهو المعين في التأسِّي بالأخيار، فأوصي الجميع ونفسي بهذا الكتاب العظيم تدبرا وتعقلا وإكثارا من تلاوته ليلا ونهارا، والرجوع إليه في كل شيء، ومراجعة كلام أهل التفسير فيما أشكل، فهو خير معين على فهم كتاب الله جل وعلا، لأن هذا الكتاب هو خير كتاب، وأفضل كتاب وأصدق كتاب، يقول الله سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} ويقول عز وجل: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} ويقول جل وعلا: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}
ويقول سبحانه: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} فجدير بالمؤمنين والمؤمنات عامة، وبأهل العلم خاصة أن يولوه العناية العظيمة، وأن يعضوا عليه بالنواجذ، وأن يجتهدوا في تدبره وتعقله والعمل به، ومراجعة كلام أهل العلم فيما أشكل، كما قال الله سبحانه وتعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}
وقال سبحانه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.
ثم سنة الرسول صل الله عليه وسلم، والعناية بها وحفظ ما تيسر منها، مع إكثار المُذاكرة فيها، ولا سيما ما يتعلق بالعقيدة، وما يجب على المكلف فعله، وما يتعلق بعمل الإنسان الخاص به، فإنه به ألصق، وعنايته أوجب، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}
ولا سبيل إلى اتباعه صلى الله عليه وسلم على الكمال إلا بدراسة سنته، والعناية بها مع العناية بكتاب الله عز وجل.
وأوصي أهل العلم وطلبته بالعناية بكتب الحديث والإكثار من قراءتها وتدريسها والمذاكرة فيها، وأهمها الصحيحان، ثم بقية الكتب الستة، مع موطأ الإمام مالك، ومسند الإمام أحمد، وسنن الدارمي وغيرهما من كتب الحديث المعروفة، ضاعف الله الأجر لمؤلفيها، وجزاهم عن المسلمين خير الجزاء.
ثم مؤلفات أهل العلم المعروفين بحسن العقيدة، وسعة العلم بالأدلة الشرعية، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذاه: العلامة ابن القيم، والحافظ ابن كثير رحمة الله عليهم جميعا. وقد برزوا في ذلك، ونشروا بين المسلمين العلم الكثير، وبينوا للناس عقيدة أهل السنة والجماعة بأدلتها من الكتاب والسنة.
وهكذا فتاوى أئمة الدعوة: المسماة الدرر السنية، فقد جمعت رسائل كثيرة وأجوبة مفيدة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وتلاميذه وأتباعه رحمهم الله جميعا، وهكذا فتاوى شيخنا العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، فقد اشتملت على علم عظيم، وفوائد جمة.
فأوصي بهذه الكتب بعد كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله الكريم صل الله عليه وسلم، ولما فيها من العلم العظيم، والعون على كل خير.




وهكذا ما أشبهها من الكتب المفيدة النافعة التي تعتني بالدليل مثل المغني، وشرح المهذب، والمحلى وغيرها من الكتب التي تُعنى بالدليل ونقل أقوال أهل العلم، فهي من أهم الكتب لأهل العلم وطلبته.
وأسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع، والعمل الصالح، وأن يمنحنا جميعا النية الخالصة، والصبر والفقه في الدين، والفوز بالعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، إنه تعالى جواد كريم، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يوفق ولاة أمرنا وجميع ولاة أمر المسلمين، ويصلح بطانتهم، وأن يعينهم على كل خير، وأن ينصر بهم الحق، ويخذل بهم الباطل، وأن يعينهم على تحكيم كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء، وأن يعيذنا وإياهم وسائر المسلمين من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه سميع قريب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. [مجموع فتاوى ابن باز (23/ 426- 440)] باختصار وتصرف يسير.



إظهار التوقيع
توقيع : ممرريم
#2

افتراضي رد: فضل العلم وشرف أهله

رد: فضل العلم وشرف أهله

إظهار التوقيع
توقيع : فتاة أنيقة
#3

افتراضي رد: فضل العلم وشرف أهله

جزاك الله خيرا
#4

افتراضي رد: فضل العلم وشرف أهله

جزاك الله خير الجزاء

إظهار التوقيع
توقيع : نور الأصيل


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
فضل طلب العلم وأهميته كما علمنا النبي -صلي الله عليه وسلم. اسوارة الذهب السنة النبوية الشريفة
من هم الدعاة؟هل العلماء هم الدعاة؟محاضرة ناصر عبد الكريم العقل:العلماء هم الدعاة ام الاء وبيان2 الحملات الدعوية
حكم وأقوال واقتباسات عن العلم اماني 2011 حكم واقـوال
في فضل العلم والتعليم والتعلم وشواهده. هبة الرحمان2 المنتدي الاسلامي العام
اتحداكي ان لم تضحكي. هبة الرحمان2 قصص - حكايات - روايات


الساعة الآن 09:41 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل