أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي مقومات الحسان في اختيار الاصحاب والخلان/ اسلام

لا يستغني عاقل في حياته عن مصادقة ومصاحبة أو مؤاخاة ومخاللة، وقد عُرفت الصداقة منذ القدم، وكتب عنها كل ذي رأي وقلم، وأعلن عن أهميتها كل ذي فكر. فمما رسخ عند الخاصة والعامة أن الصاحب ساحب، ويكفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".

وأثر الصحبة لا ينتهي في الدنيا، وإنما هو مستمر في الآخرة... بهذا نطق الكتاب والسنة، قال تعالى: {الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ} فهذا في الصالحة.. وفي الصحبة الأخرى قال: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا}. فإذا كان للصداقة والصحبة كل هذه الأهمية وذاك الأثر، كان حريا بالعاقل أن يولي الاختيار أولى همه. والسؤال: هو كيف يختار الإنسان صاحبه؟
والجواب: هو أن تجيب أولا عن هذا السؤال: لماذا تريد الصديق؟.


فإن مرادك منه هو الذي سيحدد كيفية اختياره؛ فإن الصحبة وصفات الصاحب تختلف باختلاف الغرض منها، والأصدقاء أنواع وأقسام ـ كما قال المأمون: "الإخوان على ثلاث طبقات: فإخوان كالغذاء لا يستغنى عنهم أبدا، وهم إخوان الصّفاء، وإخوان كالدواء يحتاج إليهم في بعض الأوقات، وهم الفقهاء، وإخوان كالدّاء لا يحتاج إليهم أبدا، وهم أهل الملق والنفاق لا خير فيهم". فعلى حسب مرادك من الصديق تتحدد معالم اختباره واختياره.. فصاحب الدنيا ليس كصاحب الآخرة، وصديق المرح ليس كصديق السفر، وزميل الدراسة ليس كزميل العمل، وصاحب السعة ليس كمن يعد لوقت الحاجة والضيق.

مقومات أساسية
على أن كل صديق مهما كان سبب صحبته أو علة صداقته لا بد وأن تتوفر فيه أمور:
1- الدين:
وقد جاء بذلك الحديث الشريف الذي رواه احمد وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري أنه سمع سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: [لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي]. فلابد أن يكون الصديق ذا دين وتقى؛ لأن مخالطة غير التقي تخل بالدين، وتنقص المروءة، وتوقع في الشبه والمحظور، ولا تخلو عن فساد بمتابعة فعل، أو غض طرف عن منكر، ثم هي مدعاة للتشبه فإن الطباع سراقة والجبلة تحمل على الاقتداء والتأسي، وهذا شيء معلوم بالضرورة .. حتى قال بعضهم: "ما شيء أسرع من فساد رجل وصلاحه من صاحبه، ويظن بالمرء ما يظن بقرينه". والمؤمن يزينك ولا يشينك، وينصحك ولا يخدعك، ويصارحك ولا يداهنك، وينصرك ولا يخذلك، ويخشى على دينك كما يخشى على دين نفسه، ويحب لك ما يحب لنفسه، فصاحب الدين عدة عند البلاء، وزينة عند الرخاء، قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}.

2- العقل:
فإن العقل الموفور يهدي إلى مراشد الأمور، ومعاداة العاقل خير من مصادقة الأحمق، فإنه من حمقه .. ربما أراد نفعا فأضر.. قال علي: لا تصحب الأحمق فإنه يجهد نفسه لك ولا ينفعك، وربما ضرك من حيث أراد نفعك، سكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه، وموته خير من حياته. وفي النهاية لا تثبت مع الحمق مودة، ولا تدوم لصاحبه معه صحبة.

3- الصدق:
ويراد به صدق المودة كما يراد به صدق الحديث، وأعني به هنا الثاني، فإنه لازم لكل صداقة عظمت أو جلت، وطالت أم قصرت، فإن الكذاب مثل السراب، يلمع ولا ينفع، يقرب البعيد، ويبعد القريب. وقد خطب أبو بكر يوما فقال: "ألا إن الصدق و البر في الجنة، ألا إن الكذب والفجور في النار"... وأحسن من كل هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا].

4- الإنصاف:





وهو من أعز أخلاق البشر على جلالته، وأقلها وجودا مع عظم الحاجة إليه وأهميته، وهو خلق لا زم في كل صحبة، لأن الصداقة قد تنفصم عراها، أو يصيبها من الأحداث ما يعكر صفوها، فيأتي دور الإنصاف ليرتق منها ما انفتق، فالإنصاف يحمل على العدل عند الائتلاف والاختلاف... وقد روى البزار عن نبينا المختار: [ثلاث من الإيمان: الإنفاق من الإقتار، وبذل السلام للعالم، والإنصاف من نفسه]. وهذا أعز الإنصاف.. قال تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا}. وصاحب الإنصاف إذا وافق وأحب لم يكذب ولم يداهن، وإذا خالف وأبغض لم يظلم في حكم ولم يفجر في خصومة.. فهو نافع في كل وقت. وأما غير المنصف

5- الرغبة في صحبتك:
والرضا بصداقتك، والغبطة من محبتك، فإن محبة من لا يحبك حماقة، وطلب الود عند من لا يودك طعن في عقلك... فمثل هذا لا تقوم به صحبة، ولا تستمر معه صداقة ولا مودة.

6- حسن الخلق:
والمقصود هنا عموم مكارم الأخلاق بعد أن خصصنا المهم في رأينا، فلابد أن يكون الصديق محمود الأخلاق مرضي الأفعال، مؤثرا للخير آمرا به، كارها للشر ناهيا عنه؛ فإن مودة الشرير تكسب الأعداء وتفسد الأخلاق، ولا خير في مودة تجلب عداوة وتورث مذمة، والسيئ الخلق الناس منه في بلاء، ونفسه منه في عناء.
قال ابن المعتز: إخوان الشر كشجر النارنج يحرق بعضها بعضا.. وقال غيره: صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، ومن خير الاختيار صحبة الأخيار، ومن شر الاختيار صحبة الأشرار، ولا شيء أضيع من مودة من لا وفاء له واصطناع المعروف عند من لا شكر له.

7 ـ المشاكلة والموافقة:
وثمة أمر آخر غاية في الأهمية.. ألا وهو
فلما كان الناس مختلفين في عقولهم وطبائعهم وأخلاقهم وأهدافهم كان لابد لمن أراد أن يصاحب أن يتلمس من يناسبه ويشاكله؛ فإن التجانس أصل الإخاء وقاعدة الائتلاف، يزيد بزيادته وينقص بنقصانه ـ كما قال الماوردي رحمه الله.. ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري قال عليه الصلاة والسلام: [الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف].

فإذا أردت أن تصطفي من الناس خلا، فاصحب من توفر فيه ما سبق، فإن زاد حسنا فليكن ما نصح به علقمة بن لبيد العطاردي ابنه فقال: "يابني إن عرضت لك في صحبة الرجال حاجة، فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإن قعد بك الزمان مانك، اصحب من إذا مددت يدك بفضل مدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن رأى سيئة سترها، أو خلة سدها، اصحب من إذا سألته أعطاك وإذا سكت ابتداك، وإن نزلت بك نازلة واساك، اصحب من إذا قلت صدق قولك، وإن حاولت أمرا آمرك، وإن تنازعتما يوما آثرك".
فإن حصلت هذا فاشدد يديك به، وإلا فقل على الصحبة السلام.



إظهار التوقيع
توقيع : لولو سوف
#2

افتراضي رد: مقومات الحسان في اختيار الاصحاب والخلان/ اسلام

جزاك الله خيرا على هذه النصائح
#3

افتراضي رد: مقومات الحسان في اختيار الاصحاب والخلان/ اسلام

شكرا على تعبك وجزاكى الله خيران
#4

افتراضي رد: مقومات الحسان في اختيار الاصحاب والخلان/ اسلام

شكراااا لك
إظهار التوقيع
توقيع : ريموووو
#5

افتراضي رد: مقومات الحسان في اختيار الاصحاب والخلان/ اسلام

منوراااات
إظهار التوقيع
توقيع : لولو سوف
#6

افتراضي رد: مقومات الحسان في اختيار الاصحاب والخلان/ اسلام

مشكورة


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
روايتي الثانيه ...( في خطوتك .. سكتي) عندما تعشق الشوكولاته أقلام عدلات الذهبية
للعرايس الحلوين اللى محتارين فى اختيار الوان ديكورات شقتهم يدخلو بسرعه ana nogaa ديكورات ومفروشات
طرق اختيار اللحوم والاسماك والخضروات الطازجة والتأكد من صلاحيتها حـلوة المـذآآق~ استشارات ونصائح مطبخية
كيف تختارين ديكور منزلك,الأخطاء الشائعة عند اختيار ديكور المنزل جنا حبيبة ماما ديكورات ومفروشات
كيف يتم اختيار أفضل صبغة للشعر؟ هذا هو السؤال! 2024 ЙǑŏƒ العناية بالشعر


الساعة الآن 11:04 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل