أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

مميز الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر



بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الطاهر الأمين و بعد:

قال الله تعالى :{ إنا كل شيئ خلقناه بقدر } (القمر). وقال الله تعالى :{ وخلق كل شيئ فقدره تقديرا } (الفرقان)
إخوة الاسلام اعلموا انه لا يجري شيئ في هذا العالم الا بتقدير الله سبحانه وتعالى. والقدر هو جعل كل شيئ على ما هو عليه, وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم { الايمان ان تؤمن بالله وملائكته و كتبه ورسله واليوم الآخر و القدر خيره و شره } اي ان المخلوقات التي قدرها الله وفيها الخير والشر إنما وجدت بتقدير الله الازلي .
والايمان بالقدر هو من الامور المهمة و يكون باعتقاد ان كل شيئ يحصل بتقدير الله ويدخل في عمل العبد الخير و الشر باختياره . إن ارادة الله نافذة في كل ما اراده على حسب علمه الازلي فما علم الله كونه اراد كونه في الوقت الذي يكون فيه . وما علم انه لا يكون لم يرد ان يكون فلا يحدث في العالم شيئ إلا بمشيئة الله .

لا يحصل شيئ إلا بمشيئة الله
وقد ورد عن النبي صلىالله عليه و سلم انه عَلم بعض بناته {ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن } رواه ابو داود . فكل ما شاء الله ان يكون كان وما لم يشأ ان يكون لا يكون ولا تتغير مشيئته, فهو على حسب مشيئته الازلية يغير المخلوقات من غير ان تتغير مشيئته. هذه كلمة اجمع عليها المسلمون سلفهم و خلفهم, وقد قال الله تعالى { وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين } (التكوير)


لقد ارسل الله تعالى الرسل مبشرين و منذرين ليظهر ما في استعداد العباد من الطوع والإباء فمن علم الله منه الايمان ظهر منه الاستعداد للايمان و من علم الله منه الكفر ظهر منه الاستعداد للكفر كما علم الله وشاء, فيهلك من هلك عن بينة و يحيى من حي عن بينة . فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: حدثنا رسول الله صلىالله عليه و سلم وهو الصادق المصدوق { ان احدكم ليجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل اليه الملك فينفخ فيه الروح و يؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه و اجله وعمله و شقي ام سعيد. فوالذي لا إله غيره ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها وإن احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه و بينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها } رواه البخاري و مسلم .

إذا السعيد من سعد بقضاء الله فكل ميسرلما خلق له .




القدر من اصول الايمان
وقد قال الامام ابو حنيفة رضي الله عنه في كتابه (الفقه الاكبر) {قدَر الاشياء وقضاها ولا يكون في الدنيا و الآخرة شيء الا بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره }. وقال القاضي ابو بكر بن العربي {من اعظم اصول الايمان القدر فمن انكره فقد كفر} . وقال الامام ابو جعفر الطحاوي في كتابه (العقيدة الطحاوية) واصل القدر سر الله تعالى في خلقه لم يطلع على ذلك ملك مقربا ولا نبي مرسل والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان وسلم الحرمان ودرجة الطغيان فالحذر كل الحذر نظرا وفكرا ووسوسة, فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ونهاهم عن مرامه كما قال تعالى: {لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون} فمن سأل لما فعل (اي على وجه الاعتراض على الله ) فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت رديف رسول الله صلىالله عليه وسلم فقال لي رسول الله صلىالله عليه وسلم:" ياغلام الا اعلمك كلمات ينفعك الله بهن " فقلت: بلى. فقال: " احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده امامك (اي اطعه ينصرك). تعرَف اليه في الرخاء يعرفك في الشدة. إذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله. قد جف القلم بما هو كائن فلو ان الخلق كلهم جميعا ارادوا ان ينفعوك بشيئ لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه وإن ارادوا ان يضروك بشيئ لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه. و اعلم ان الصبر على ما تكره خير كثير وان الصبر مع النصر وان الفرج من الكرب وان مع العسر يسرا" رواه الامام احمد. فإذا لا نافع ولا ضار على الحقيقة إلا الله .

الله خالق كل شيئ
إن الله سبحانه وتعالى هو خالق كل شيئ وأما ما يقوله البعض ان الله خلق الخير ولم يخلق الشر فأنه تكذيب لقوله تعالى: {أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيئ وهو الواحد القهار}(الرعد) و قوله تعالى:{و الله خلقكم وما تعملون}(الصافات) و من نسب لله تعالى خلق الخير دون الشر فقد نسب الى الله العجز, ولو كان كذلك لكان للعالم مدبران مدبر للخير و مدبر للشر وهذا كفر و إشراك.

هذا الرأي السفيه من جهة اخرى يجعل الله تعالى في ملكه مغلوبا, لأنه حسب اعتقاده الله اراد الخير فقط فيكون قد وقع في الشر من عدوه ابليس وأعوانه الكفار رغما عنه و يكفر من يعتقد هذا الرأي لمخالفته قوله تعالى:{والله غالب على امره }(يوسف) اي لا احد يمنع نفاذ مشيئة الله .

و ليس لأحد ان ينكر بأن الشر هو بخلق الله تعالى, وقد أخبر بذلك فقال تعالى: { قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق } و من كذب القرآن فقد كفر.

اخي المسلم ان مسألة القضاء والقدر لا يتم الايمان الا بها بأن يعتقد الانسان ان كل شيئ من الطاعة والعصيان والنفع والضر بمشيئة الله, خلافا للمعتزلة فإنهم ينسبون خلق الفعل الى العبد وقد سموا " بالقدرية " لانهم نفوا القدر وقد قال رسول الله صلىالله عليه و سلم { لكل امة مجوس و مجوس هذه الامة الذين يقولون لا قدر } رواه ابو داود وقال ابن عباس رضي الله عنه كلام القدرية كفر و إن قول المعتزلة بأن العباد يخلقون افعالهم يكذب قوله تعالى { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك امرت وانا اول المسلمين} أخبر الله تعالى بأن صلاة العبد و نسكه ومحياه ومماته ملك له و خلق له لا يشركه فيه غيره .ومن الأدلة كذلك قوله تعالى:{ أفمن يخلق كمن لا يخلق افلا تذكرون }(النحل). وقال البيهقي في مناقب الشافعي بأسناده الى الربيع المرادي: سُأِلَ الشافعي عن القدر فقال:
ما شئت كان وأن لم أشأ وما شئت ان لم تشأ لم يكن خلقت العباد على ما علمت ففي العلم يجري الفتى و المسن على ذا مننت وهذا خذلت وهذا اعنت وذا لم تعن فمنهم شقي و منهم سعيد وهذا قبيح وهذا حسن .

اخي المسلم أن الله من علينا بنعم كثيره فعلى كل منا ان يشكر الله على نعمه بترك المحرمات وأداء الواجبات وليس للمرء العاصي ان يقول لم يعذبني و قد قدره علي إذاً ظلمني فهذا كفر, لأن الله هو الحاكم المطلق الفعال لما يريد" لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " وليس للمذنب ان يقول " طالما انه قدره علي فلا بد ان يغفر لي ولن يعذبني ابدا " وهذا هو الامن من مكر الله. فالله خلق الجنة وجعل لها اهلها و خلق النار وجعل لها اهلها وما ربك بظلام للعبيد ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ولا يلومن الا نفسه.

اللهم إنا نسألك ان تثبتنا على توحيدك و على الاعتقاد السليم إنك على كل شيئ قدير
قوله : والقدر خيره وشره ، وحلوه ومره ، من الله تعالى - تقدم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث
جبريل : وتؤمن بالقدر خيره وشره ، وقال تعالى : قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا [ التوبة : 51 ] . وقال تعالى : إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك الآية [ النساء : 78 - 79 ] .

فإن قيل : فكيف الجمع بين قوله : كل من عند الله وبين قوله : فمن نفسك ، قيل : قوله : كل من عند الله : الخصب والجدب ، والنصر والهزيمة ، كلها من عند الله ، وقوله : فمن نفسك : أي : [ ص: 516 ] ما أصابك من سيئة من الله فبذنب نفسك عقوبة لك ، كما قال تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم [ الشورى : 30 ] . يدل على ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه : أنه قرأ : وما أصابك من سيئة فمن نفسك [ النساء : 79 ] ، وأنا كتبتها عليك .

والمراد بالحسنة هنا النعمة ، وبالسيئة البلية ، في أصح الأقوال . وقد قيل : الحسنة الطاعة ، والسيئة المعصية . وقيل : الحسنة ما أصابه يوم بدر ، والسيئة ما أصابه يوم أحد . والقول الأول شامل لمعنى القول الثالث . والمعنى الثاني ليس مرادا دون الأول قطعا ، ولكن لا منافاة بين أن تكون سيئة العمل وسيئة الجزاء من نفسه ، مع أن الجميع مقدر ، فإن المعصية الثانية قد تكون عقوبة الأولى ، فتكون من سيئات الجزاء ، مع أنها من سيئات العمل ، والحسنة الثانية قد تكون من ثواب الأولى ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة . وليس للقدرية أن يحتجوا بقوله تعالى : فمن نفسك ، فإنهم يقولون : إن فعل العبد - حسنة كان أو سيئة - فهو منه لا من الله ! والقرآن قد فرق بينهما ، وهم لا يفرقون ، ولأنه قال تعالى : كل من عند الله [ ص: 517 ] فجعل الحسنات من عند الله ، كما جعل السيئات من عند الله ، وهم لا يقولون بذلك في الأعمال ، بل في الجزاء . وقوله بعد هذا : " ما أصابك من حسنة " " ومن سيئة " ، مثل قوله : " وإن تصبهم حسنة " " وإن تصبهم سيئة " .

وفرق سبحانه وتعالى بين الحسنات التي هي النعم ، وبين السيئات التي هي المصائب ، فجعل هذه من الله ، وهذه من نفس الإنسان ، لأن الحسنة مضافة إلى الله ، إذ هو أحسن بها من كل وجه ، فما من وجه من أوجهها إلا وهو يقتضي الإضافة إليه ، وأما السيئة ، فهو إنما يخلقها لحكمة ، وهي باعتبار تلك الحكمة من إحسانه ، فإن الرب لا يفعل سيئة قط ، بل فعله كله حسن وخير .

الايمان بالقضاء والقدر له دور كبير في طمأنينة القلب عند المصائب خاصة اذا ادرك العبد تماما ان الله تعالى لطيف بعباده يريد بهم اليسر ، وانه حكيم خبير يدخر لهم في الأخرة فيعطي الصابرين أجرهم وافيا بغير حساب ، فهذا عند التأمل والعمل به قد يقلب حزن المصيبة وكمدها الى سرور وسعادة ، ولكن ليس كل احد يقوى على ذلك .
فما الخطوات التي تتبيعينها لتخفيف النكبات والمصائب وتهويتها على النفس ؟

1- تصوري ان المصيبة اكبر مما كانت عليه وأسوء عاقبة .
2-تأملي حال من مصيبته اعظم وأشد .
3- انظري الى ما انت فيه من نعم وخير حرم منه كثيرون .
4- لا تستسلمي للاحباط الذي قد يصحب المصيبة .
( فان مع العسر يسرا ،ان مع العسر يسرا )

اشراقة : من اسرع رسل السعادة الى نفوس الأخرين : الابتسامة الصادقة النابعة من القلب .




إظهار التوقيع
توقيع : الـمـتـألـقـة
#2

افتراضي رد: الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر

يسلمووووو حبيبتي كلام اكثر من رائع
إظهار التوقيع
توقيع : راوناالحديثي
#3

افتراضي رد: الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر

ونعم بالله مشكورة
إظهار التوقيع
توقيع : رتوجى
#4

افتراضي رد: الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر

شكرا حبيبتي انا بكره عندي امتحان فيه ادعيلي
إظهار التوقيع
توقيع : امونه احمد
#5

افتراضي رد: الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر

بارك الله فيكى
#6

افتراضي رد: الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر

رد: الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر

إظهار التوقيع
توقيع : قوت القلوب 2
#7

افتراضي رد: الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر

بارك الله فيك.
إظهار التوقيع
توقيع : هبة الرحمان2
#8

افتراضي رد: الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر

بارك الله فيك
إظهار التوقيع
توقيع : ريموووو
#9

افتراضي رد: الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر

نورتو غالياتي
إظهار التوقيع
توقيع : الـمـتـألـقـة
#10

افتراضي رد: الإيـــمـــان بــالــقــضــاء و الــقــدر

جزاكى الله خير



الساعة الآن 12:25 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل