أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل



https://adlat.net/showthread.php?t=135284
1286 4
#1

افتراضي الكاشوف والحاكوم والحاسوب

إنْ فاخَر العَرَبُ بشيءٍ قبلَ أنسابِهم وقبلَ أحسابهم وقبلَ إقرائهم الضيفَ وشَجاعتِهم، فقَمِينٌ بهم قبلَ ذلك كلِّه أنْ يفخَرُوا بلُغتهم التي اختارَها اللهُ لغةً لكتابهِ العزيز، لغة الضاد، ولغة أهل الجنَّة؛ فاللغة العربيَّة أرصَنُ اللُّغات في العالم على الإطلاق، وليس كمثلِها لغةٌ في روعة بَيانها وكثْرة اشتِقاقاتها، وغَزارة ألفاظِها ومَعانيها، وبلاغة أُسلوبها، بل إنَّ في لغة العرب رُوحًا، وفي حُروفها حياةً، بل إنَّ فيها سر العَرَبِ، وفيها مُروءتهم ومجدهم وسُؤددهم وخُلودهم.
ولقد سعَى أعداءُ الإسلام منذُ القِدَمِ إلى ضرْب هذهِ اللغة الأصيلة، والانتِقاص من آدابها وفُنونها، وما فَتِئُوا يكيدون للعربيَّة المكايد، مُستَهدِفين من ضربِها وعزلِها استِهدافَ القُرآن الكريم، وعزْل سُلطانه على قُلوب المسلمين، بل إنَّ هؤلاء القوم من حِقدِهم الأعمى على القُرآن وأمَّة القُرآن رفَضُوا استِبدالَ الجُمَلِ الرَّكيكة من كتابهم المقدَّس بِجُمَلٍ رفيعة الأسلوب، وكان تعليلُهم لذلك الرفضِ أنهم يريدون أنْ يُباعِدوا بين أسلوب التوراة وأسلوب القُرآن.
وكان من حُجَجِهم لضرب اللغة العربيَّة: أنَّ هذهِ اللغة السبب في تأخُّرِ العرب وتوقُّف نهضتهم! ودعَوْا إلى إقصاء الفُصحى، واستِبدالها العامية بها؛ ففي مصر ألقى رجلٌ إنجليزي كان يعملُ مهندسًا للري اسمه "ولكوكس" محاضرةً تحت عنوانٍ غريب هو: "لِمَ لَمْ توجد قوَّة الاختراع لدى المصريين الآن؟" وقال في معرض محاضرته: "إنَّ من جملة العَوامِل في فقْد قوَّة الاختِراع عند المصريين استِبقاءَهم اللغةَ العربيَّة الفُصحى".
ثم تَبِعَه في نفس الفترة تقريبًا "ولمور"، وهو قاضٍ إنجليزي يعمَلُ بالمحاكم المصريَّة؛ حيث قامَ بتأليف كتابٍ أطلَقَ عليه: "لغة القاهرة" يقترحُ فيه أنْ تكون حروفُ الكتابة هي اللاتينيَّة!
ولعلَّ قصيدة حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربيَّة لم تكن إلا ردًّا مُباشِرًا على دعوة ولكوكس وعلى حججججججججججججه الواهية، في أنَّ اللغة العربيَّة لا تصلحُ أنْ تكون لغةً لمخترعين، وفيها يقول حافظ:
وَسِعْتُ كِتَابَ اللهِ لَفْظًا وَغَايَةً //
وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ
فَكَيْفَ أَضِيقُ اليَوْمَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ //
وَتَنْسِيقِ أَسْمَاءٍ لِمُخْتَرَعَاتِ
ونِعْم ما قال حافظ، فوالله ما ضاقتْ لغتُنا بوصفٍ، ولا عجزتْ عن تسميةٍ، ولكنَّنا عجزنا وتكاسَلْنا عن الاهتِمام بها، وكأنَّنا بذلك ننعى مَن لا يموت، ونندبُ مَن هو في الخالدين، نحن الجناة بتنحيةِ هذهِ اللغة العظيمة عن مَيْدان الحياة واستِبدالها بالهجين والهزيل!
فكم منَّا مَن لا يعرفُ آلة "الكاشوف"، وكم منَّا مَن لا يعرفُ آلة "الحاكوم"! أمَّا "الحاسوب" فالحمد لله أنَّ أكثرنا اليوم يعرفُه بهذا الاسم العربي، وإنْ كان البعض يُسمِّيه "كمبيوتر" كتسمِيَتِه في الإنجليزيَّة!
أمَّا "الكاشوف" فهو جهاز "الرادار" أو "الاستكشاف عن بُعد"، وقد وضَع المجمع العلمي العراقي هذهِ التسمية "للرادار" قبلَ أكثر من نصف قرنٍ، ولكن هل في جُيوشِنا مَن يُسمِّيه "كاشوف"؟!
أمَّا "الحاكوم" فمن أعجب العجَب أنَّ أكثرَنا لا يعرفُه بهذهِ التسمية العربيَّة، رغم أنَّه يعيشُ معنا حتى في غُرَفِ نومِنا وفي مَكاتِبنا! لكنَّنا نحبُّ أنْ نسميَه: "ريموت"، اختصارًا للتسمية الإنجليزيَّة لجهاز التحكُّم عن بُعد "ريموت كنترول"!
فإلى متى نطعن لغتَنا بإهمالها وتجاهُلها ثُمَّ بعد ذلك ندَّعي أنَّنا عربٌ ومسلمون؟!
إلى متى نقول:"OK" بدل"موافق"، ونقول:"Hello"بدل "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"؟!
إلى متى نسمحُ لما يُسمَّى بـ"الشعر الشعبي" أو "النبطي"ينخرُ لغتنا، ويزيدُ ألسنتَنا اعوِجاجًا، ونترُك القُرآن والسُّنَّة والشعر العربيَّ الأصيل نُقوِّم به اللسان، ونزيدُ من أَلَقِ البَيان؟!





إلى متى نرسلُ أولادنا إلى المدارس الأمريكيَّة والفرنسيَّة؛ لأنها تُعلِّمهم"اللغة الفرنسيَّة"أو"اللغة الإنجليزيَّة"،ثمَّ ننسى ونغفُل أنْ نُعلِّمهم لغةَ دِينهم وما به صَلاحُ أمرِهم؟!
أقولُ قولي هذا، وأسألُ الله ألا يجعلَنِي ممَّن يحثُّ على القول ولا يقولُ.
مروان بيك العزي



إظهار التوقيع
توقيع : رووية ورهوف
#2

افتراضي رد: الكاشوف والحاكوم والحاسوب

بارك الله فيك ونفعنا بك
إظهار التوقيع
توقيع : ريموووو
#3

افتراضي رد: الكاشوف والحاكوم والحاسوب

بارك الله فيكِ
إظهار التوقيع
توقيع : الـمـتـألـقـة
#4

افتراضي رد: الكاشوف والحاكوم والحاسوب

جزاكي الله خيرا
#5

افتراضي رد: الكاشوف والحاكوم والحاسوب

بارك الله فيكى حبيبتى
إظهار التوقيع
توقيع : شقاوة آنثى


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
التوحدي والحاسوب حسناء ذوي الاحتياجات الخاصة


الساعة الآن 10:29 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل