أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل



https://adlat.net/showthread.php?t=150302
1342 3
#1

جديد وعظ القلوب بكلام علام الغيوب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لا بد أن تكون الموعظة مصاحبة للقلب الذي يتقلب بين حين وآخر، ولا بد للمؤمن أن يوطن نفسه على حضور مجالس الوعظ ففي ذلك ثبات له بإذن الله وإغاظة للشيطان الذي هو قريب من الواحد بعيد عن الجماعة، وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

"اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ". فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمن على نفسه فكيف بنا نحن خاصة مع تلاطم أمواج الفتن في هذا الزمان، وإن القرآن الكريم من أكبر المواعظ الذي توعظ بها القلوب كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (57) (يونس).
وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه ليعظهم ويذكّرهم ويرغّبهم ويرهّبهم بهذا القرآن العظيم، قال أبو هريرة رضي الله عنه: قلنا يا رسول الله، ما لنا إذا كنا عندك رقّت قلوبنا وزهدنا في الدنيا وكنا من أهل الآخرة، فإذا خرجنا من عندك وآنسنا أهلنا وأولادنا أنكرنا أنفسنا ولهونا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أنكم إذا خرجتم من عندي كنتم على حالكم ذلكم لزارتكم الملائكة في بيوتكم ".
وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
والقرآن يرقق القلوب بل يرقق الحجر، قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ }(البقرة:74). وقال تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ }(الحشر:21).
يخبر الله تعالى عن عظمة القرآن وفضله وجلاله، وأنه لو خوطب به صم الجبال لتصدّعت من خشية الله. فهذه حال الجبال وهي الحجارة الصلبة، وهذه رقتها وخشيتها وتدكدكها من جلال الله ربّها وعظمته وخشيته.
فيا عجباً من مضغة لحم كانت أقسى من هذه الجبال تخاف من سطوة الجبار وبطشه، فلا ترعوي ولا ترتدع، وتسمع آيات الله تتلى عليها فلا تلين ولا تخشع ولا تنيب، فليس بمستنكر على الله عز وجل، ولا يخالف حكمته أن يخلق لها ناراً تذيبها إذا لم تلن بكلامه وزواجره ومواعظه، فمن لم يلن قلبه لله في هذه الدار، ولم ينب إليه ولم يذبه بحبه والبكاء من خشيته، فليتمتع قليلاً، فإن أمامه الملين الأعظم، وسيردّ إلى عالم الغيب والشهادة فيرى ويعلم.
وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
فيا أيها الغافل عن تدبّر القرآن! إلى متى هذه الغفلة؟ قل لي وتكلم، حنانيك بادر بصالح الأعمال قبل أن تندم.
نشـكـو إلى الله القلـوب التي قـسـت ***- وران عليها كسب تلك المآثم

من خشية المولى هوى الجبل الذي ***- بالطور ولانت قسوة الأحجار
أولـم يـئـن وقــت الخــشـــوع فــلا ***- تغـرن الحــياة ســوى مغرار
وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
ورقة القلب تنشأ عن الذكر والقرآن لأن ذلك يوجب خشوع القلب وصلاحه ورقته ويذهب بالغفلة عنه قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }(الأنفال:2)، وقال تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }(الحج:35،34)، وقال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }(الحديد:16)، وقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ }(الزمر:23).
وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
بذكر الله ترتاح القلوب ***- ودنيانا بذكراه تطيب

ولكن لم يتعظ بهذه الموعظة إلا القليل من الناس الذين رقت قلوبهم للقرآن واستجابوا لنداء الرحمن كما أخبر تعالى بقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }(ق:37).
وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
قال خبّاب بن الأرت رحمه الله لرجل: تقرب إلى الله تعالى ما استطعت، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء هو أحب إليه من كلامه.
وقال عثمان بن عفان: من أحب القرآن أحب الله ورسوله، فمن أحب شيئاً أكثر من ذكره، ولا شيء عند المحبين أحلى من كلام محبوبهم، فهو لذة قلوبهم وغاية مطلوبهم، كما قال بعض السلف: ( إذا أردت أن تعرف قدرك عند الله فانظر إلى قدر القرآن عندك ).
وكان بعضهم يكثر من تلاوة القرآن ثم اشتغل عنه بغيره فرأى في المنام قائلاً يقول له:
إن كنت تزعم حبي ***- فلم جفوت كتابي؟
أما تأملت ما فيه من عبر ***- وما فيه من لذيذ خطابي

ولم يكونوا يقرؤونه ليقال إنهم يقرؤونه ولا يهذّونه هذّ الشعر كما الناس يفعلون، وإنما كانوا يتدبرون معانيه ويتأثرون بألفاظه فيحركون به قلوبهم ويرسلون به مدامعهم يتأملون عبره ويعيشون أنداءه ويسرحون طرف أفئدتهم في خمائله ويطلقون أكف الحب في كنوزه.
وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
وليس الذي يجري في العين ماؤها ***- ولكنها روح تسيل فتقطُرُ

ويستحب البكاء عند تلاوة القرآن، وهو صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين، قال الله تعالى في وصف الخاشعين من عباده عند تلاوة كتابه: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ }(الزمر:23).

سمعـتك يا قــرآن والليل غافـل ***- سريت تهز القلب سبحان من أسرى
فتحنا بك الدنيا فأشرق صبحها ***- وطفنا ربــوع الكـــون نملؤها أجـرا
وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
وقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلون كتاب الله ويتأثرون يآياته فتلين جلودهم، وتدمع عيونهم وتخشع قلوبهم، فيرفعون أكفهم إلى ربهم ضارعين يسألونه قبول الأعمال ويرجونه غفران الزلات، ويتشوقون الى ما عنده من النعيم المقيم.
وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
روي أن أبا بكر رضي الله عنه ابتنى مسجداً بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يتعجبون منه وينظرون إليه، وكان رجلاً بكّاءً لا يملك دموعه إذا قرأ.. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي بالناس فبكى في قراءته حتى انقطعت قراءته وسمع نحيبه من وراء ثلاثة صفوف.
وكان عمر أيضاً إذا اجتمع الصحابة قال: يا أبا موسى ذكّرنا ربنا، فيندفع أبو موسى يقرأ بصوته الجميل وهم يبكون.
وإني ليبكيني سماع كلامه ***- فكيف بعيني لو رأت شخصه بدا
تلا ذكر مولاه فحنّ حنينه ***- وشــوق قلــوب العـارفـين تجـددا




وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
وللأسف لما فسدت أمزجة كثير من المتأخرين عن سماع كلام رب العالمين، ظهرت التربية معوجة والفطرة منكوسة، والأفهام سقيمة.
وعظ القلوب بكلام علام الغيوب
ولا صلاح للأفراد ولا للمجتمعات والدول إلا بالعودة إلى كتاب الله تعالى الذي فيه الهدى والصلاح والعز والشرف: { لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (10)} (الأنبياء).

نسأل الله الكريم أن يجعلنا جميعا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



إظهار التوقيع
توقيع : ضــي القمــر
#2

افتراضي رد: وعظ القلوب بكلام علام الغيوب

بارك الله لكى


إظهار التوقيع
توقيع : سلمى سيد
#3

افتراضي رد: وعظ القلوب بكلام علام الغيوب

جزاكى الله خيرا
#4

افتراضي رد: وعظ القلوب بكلام علام الغيوب

جزانا واياكم
إظهار التوقيع
توقيع : ضــي القمــر


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
اسباب تليين القلوب هبه شلبي المنتدي الاسلامي العام
حقيقة أمراض القلوب وخطورتها لؤلؤة الاسلام 1 المنتدي الاسلامي العام
كيف ترق القلوب ؟!!! بسووومة المنتدي الاسلامي العام
رحله بين القلوب هبه شلبي منوعات x منوعات - مواضيع مختلفة
معانى : الحب بكل حروف الهجاء زاهرة الياياسمين رسائل وتوبيكات


الساعة الآن 02:44 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل