مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" .. الحلقة 16 ..الرئيس الأسبق يستسلم لمؤامرات
مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" .. الحلقة 16 ..الرئيس الأسبق يستسلم لمؤامرات فؤاد محيى الدين.. عندما قال مبارك ليحيى الجمل: «أول مرة أعرف إن الشيوعيين بيصلوا»
◄◄كانت مشورة الأمن.. وتقارير جهاز أمن الدولة أساس تعيين القيادات العليا
◄◄تم جمع الاقتصاديين والمفكرين فى مؤتمر اقتصادى فى فبراير 1982 تحولت توصياته إلى حبر على ورق
◄◄فؤاد محيى الدين ومصطفى السعيد وصفوت الشريف كونوا أول تحالف وطالبوا مبارك بإخراج الوزراء من غير الحزب الوطنى
◄◄مبارك كان يتعمد ملاعبة الوزراء ويوهمهم أنه سوف يغيرهم ويلتقى بالمنافسين ويطلق الشائعات
◄◄شلة الحزب الوطنى قدمت لمبارك تقارير عن تورط أحمد نوح وفؤاد أبوزغلة مع عصمت السادات
◄◄فؤاد محيى الدين وتحالف الحزب الوطنى «الشاذلى والشريف ووالى» أقنعوا مبارك أن المعارضة تتآمر عليه وأن تركه الحزب يجعله فى خطر
◄◄فؤاد محيى الدين أطاح بفؤاد هاشم وزير الاقتصاد بعد أن وافق له على رفع الفائدة ليضع مكانه صديقه مصطفى السعيد
◄◄ خلال العام الأول لحكم مبارك بدأت تتكون تحالفات الحزب والسلطة الجديدة حول
مبارك
كان مبارك يسعى لمعرفة ما يدور فى أفكار المعارضة، ويحرص فى الوقت نفسه على تقوية علاقته بالحزب الوطنى الحاكم.
لاشك أن حسنى مبارك وهو يتأمل حياته خارج السلطة يتابع ما يجرى مثل أى مواطن من شاشات التلفزيون، وكيف تغيرت حياته منذ أصبح رئيسا، ولم يعد هو الرجل الثانى وراء الرئيس السادات، يشعر بأن هناك من يحسده أو يتربص به، هو اليوم يجلس فى أعلى نقاط السلطة، ويرى من حوله يسعون إليه، وكل فريق يريده فى جبهته، وكان مبارك ورث تركة سياسية واقتصادية مرتبكة.
كان الحزب الوطنى هو نفسه الصفوف الأولى من الاتحاد الاشتراكى يعملون بنفس الآليات.. والوزراء والقادة السياسيين كلهم خرجوا من التنظيم الطليعى ومنظمة الشباب، التى فرخت كل القيادات السياسية.
أبو العز الحريرى
بدأت الحياة الحزبية بولادة قيصرية، عندما قرر الرئيس السادات بعد حرب أكتوبر الاتجاه إلى اقتصاد السوق والانفتاح الاقتصادى عام 1974، وفى نفس الوقت أعلن عن الانتقال من التنظيم السياسى الواحد إلى تعددية حزبية، وقسم الاتحاد الاشتراكى إلى 3 منابر، الوسط «مصر العربى» بزعامة ممدوح سالم، واليمين «الأحرار الاشتراكيين» بزعامة مصطفى كامل مراد، واليسار «التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى» بزعامة خالد محيى الدين.
وفى 11 نوفمبر 1976 أعلن الرئيس السادات فى افتتاح الفصل الثانى لمجلس الشعب تحويل المنابر الثلاثة لأحزاب، وبعدها أصدر قانون الأحزاب السياسية، الذى أكد على أربعة مبادئ، أن يكون من بين مؤسسى الحزب عشرون عضوا من أعضاء مجلس الشعب، وألا تتعارض مقومات الحزب مع مبادئ الشريعة الإسلامية.. والحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الاشتراكى، وحظر قيام أى حزب على أساس طبقى أو طائفى، ولم تثمر التجربة الحزبية التعددية، وفى صيف 1978 أعلن الرئيس السادات نزول الشارع السياسى وتأسيس الحزب الوطنى الديمقراطى برئاسته، وهرول كل أعضاء حزب مصر إلا قليلا نحو حزب الرئيس. وفى نفس العام نشأ حزبا العمل بزعامة إبراهيم شكرى ومعه محمود أبووافية «عديل» الرئيس السادات فى منصب الأمين العام، أما الوفد الذى نشأ فى 4 فبراير 1978 بزعامة فؤاد سراج الدين، وجمد نشاطه بعد أقل من 6 شهور احتجاجا على القوانين الاستثنائية وحصاره. بينما حصر «التجمع» نشاطه داخل مقره.
وبين عامى 1979-1981 تصاعدت المعارضة داخل مجلس الشعب الذى نتج بإشراف ممدوح سالم 1978 وعرفت بأنها أكثر الانتخابات نزاهة، حيث دخل المجلس معارضون، ومثل الإخوان لأول مرة، وتصاعدت المعارضة بعد توقيع اتفاقيتى كامب ديفيد ومعاهدة السلام، وليتخلص السادات من معارضيه قرر حل المجلس عام 1979 وتعديل قانون الأحزاب بشكل يمنع تأسيس أى حزب يعارض السلام مع إسرائيل أو ثورة يوليو 1952، وتحول حزب العمل برئاسة إبراهيم شكرى للمعارضة وتراجع عن تأييد السادات بعد أن أيد زيارة السادات للقدس وظل السادات يعايره «لما رفض أى نائب يوقع مع حزب العمل ضمن 20 نائب علشان الجدية.. خدت نواب الحزب الوطنى كله ورحت وقعت لقيام المعارضة، وفى الانتخابات الماضية، رئيس حزب العمل جانى فى السويس وقعدنا اتفقنا وخد 30 كرسى.. وكان عايز يعمل إن المعارضة مش مستأنسة فشط خالص.. طيب كان ليه».
ولم يعد يستطع السادات الصبر على المعارضة، فأعلن قرارات 5 سبتمبر 1981 واعتقل 1536 من معارضيه من الأحزاب والقوى السياسية، وألغى ترخيص صحيفتى «الشعب» و«الأهالى» الناطقين باسم حزبى العمل والتجمع.
تصور الرئيس السادات للأحزاب كان متشابكا، وحسب موسى صبرى، كان «ينصح ممدوح سالم أن يبنى تنظيمات الحزب بمثل أسلوب الإخوان المسلمين وحسن البنا. ومن جهة أخرى كان مؤمنا بجلسة الدوار أو المصطبة وكان يريد لمقر الحزب أن يكون (قعدة) مثل دوار العمدة فى كل مدينة وقرية يتعارف فيها الأعضاء ويتبادلون الحديث عن المشكلات»، وخاب أمله فى حزب مصر، أولا ثم فى الحزب الوطنى، الذى حاول قبل عام من رحيله مع منصور حسن لإقامة ما يشبه لجنة السياسات، ويضم عناصر من خارج الحزب، وسرعان ما اصطدم منصور حسن بأمين عام الحزب ونائب الرئيس حسنى مبارك، وخرج واختفى من الساحة السياسية.
يُتبع
◄◄كانت مشورة الأمن.. وتقارير جهاز أمن الدولة أساس تعيين القيادات العليا
◄◄تم جمع الاقتصاديين والمفكرين فى مؤتمر اقتصادى فى فبراير 1982 تحولت توصياته إلى حبر على ورق
◄◄فؤاد محيى الدين ومصطفى السعيد وصفوت الشريف كونوا أول تحالف وطالبوا مبارك بإخراج الوزراء من غير الحزب الوطنى
◄◄مبارك كان يتعمد ملاعبة الوزراء ويوهمهم أنه سوف يغيرهم ويلتقى بالمنافسين ويطلق الشائعات
◄◄شلة الحزب الوطنى قدمت لمبارك تقارير عن تورط أحمد نوح وفؤاد أبوزغلة مع عصمت السادات
◄◄فؤاد محيى الدين وتحالف الحزب الوطنى «الشاذلى والشريف ووالى» أقنعوا مبارك أن المعارضة تتآمر عليه وأن تركه الحزب يجعله فى خطر
◄◄فؤاد محيى الدين أطاح بفؤاد هاشم وزير الاقتصاد بعد أن وافق له على رفع الفائدة ليضع مكانه صديقه مصطفى السعيد
◄◄ خلال العام الأول لحكم مبارك بدأت تتكون تحالفات الحزب والسلطة الجديدة حول
مبارك
كان مبارك يسعى لمعرفة ما يدور فى أفكار المعارضة، ويحرص فى الوقت نفسه على تقوية علاقته بالحزب الوطنى الحاكم.
لاشك أن حسنى مبارك وهو يتأمل حياته خارج السلطة يتابع ما يجرى مثل أى مواطن من شاشات التلفزيون، وكيف تغيرت حياته منذ أصبح رئيسا، ولم يعد هو الرجل الثانى وراء الرئيس السادات، يشعر بأن هناك من يحسده أو يتربص به، هو اليوم يجلس فى أعلى نقاط السلطة، ويرى من حوله يسعون إليه، وكل فريق يريده فى جبهته، وكان مبارك ورث تركة سياسية واقتصادية مرتبكة.
كان الحزب الوطنى هو نفسه الصفوف الأولى من الاتحاد الاشتراكى يعملون بنفس الآليات.. والوزراء والقادة السياسيين كلهم خرجوا من التنظيم الطليعى ومنظمة الشباب، التى فرخت كل القيادات السياسية.
أبو العز الحريرى
بدأت الحياة الحزبية بولادة قيصرية، عندما قرر الرئيس السادات بعد حرب أكتوبر الاتجاه إلى اقتصاد السوق والانفتاح الاقتصادى عام 1974، وفى نفس الوقت أعلن عن الانتقال من التنظيم السياسى الواحد إلى تعددية حزبية، وقسم الاتحاد الاشتراكى إلى 3 منابر، الوسط «مصر العربى» بزعامة ممدوح سالم، واليمين «الأحرار الاشتراكيين» بزعامة مصطفى كامل مراد، واليسار «التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى» بزعامة خالد محيى الدين.
وفى 11 نوفمبر 1976 أعلن الرئيس السادات فى افتتاح الفصل الثانى لمجلس الشعب تحويل المنابر الثلاثة لأحزاب، وبعدها أصدر قانون الأحزاب السياسية، الذى أكد على أربعة مبادئ، أن يكون من بين مؤسسى الحزب عشرون عضوا من أعضاء مجلس الشعب، وألا تتعارض مقومات الحزب مع مبادئ الشريعة الإسلامية.. والحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الاشتراكى، وحظر قيام أى حزب على أساس طبقى أو طائفى، ولم تثمر التجربة الحزبية التعددية، وفى صيف 1978 أعلن الرئيس السادات نزول الشارع السياسى وتأسيس الحزب الوطنى الديمقراطى برئاسته، وهرول كل أعضاء حزب مصر إلا قليلا نحو حزب الرئيس. وفى نفس العام نشأ حزبا العمل بزعامة إبراهيم شكرى ومعه محمود أبووافية «عديل» الرئيس السادات فى منصب الأمين العام، أما الوفد الذى نشأ فى 4 فبراير 1978 بزعامة فؤاد سراج الدين، وجمد نشاطه بعد أقل من 6 شهور احتجاجا على القوانين الاستثنائية وحصاره. بينما حصر «التجمع» نشاطه داخل مقره.
وبين عامى 1979-1981 تصاعدت المعارضة داخل مجلس الشعب الذى نتج بإشراف ممدوح سالم 1978 وعرفت بأنها أكثر الانتخابات نزاهة، حيث دخل المجلس معارضون، ومثل الإخوان لأول مرة، وتصاعدت المعارضة بعد توقيع اتفاقيتى كامب ديفيد ومعاهدة السلام، وليتخلص السادات من معارضيه قرر حل المجلس عام 1979 وتعديل قانون الأحزاب بشكل يمنع تأسيس أى حزب يعارض السلام مع إسرائيل أو ثورة يوليو 1952، وتحول حزب العمل برئاسة إبراهيم شكرى للمعارضة وتراجع عن تأييد السادات بعد أن أيد زيارة السادات للقدس وظل السادات يعايره «لما رفض أى نائب يوقع مع حزب العمل ضمن 20 نائب علشان الجدية.. خدت نواب الحزب الوطنى كله ورحت وقعت لقيام المعارضة، وفى الانتخابات الماضية، رئيس حزب العمل جانى فى السويس وقعدنا اتفقنا وخد 30 كرسى.. وكان عايز يعمل إن المعارضة مش مستأنسة فشط خالص.. طيب كان ليه».
ولم يعد يستطع السادات الصبر على المعارضة، فأعلن قرارات 5 سبتمبر 1981 واعتقل 1536 من معارضيه من الأحزاب والقوى السياسية، وألغى ترخيص صحيفتى «الشعب» و«الأهالى» الناطقين باسم حزبى العمل والتجمع.
تصور الرئيس السادات للأحزاب كان متشابكا، وحسب موسى صبرى، كان «ينصح ممدوح سالم أن يبنى تنظيمات الحزب بمثل أسلوب الإخوان المسلمين وحسن البنا. ومن جهة أخرى كان مؤمنا بجلسة الدوار أو المصطبة وكان يريد لمقر الحزب أن يكون (قعدة) مثل دوار العمدة فى كل مدينة وقرية يتعارف فيها الأعضاء ويتبادلون الحديث عن المشكلات»، وخاب أمله فى حزب مصر، أولا ثم فى الحزب الوطنى، الذى حاول قبل عام من رحيله مع منصور حسن لإقامة ما يشبه لجنة السياسات، ويضم عناصر من خارج الحزب، وسرعان ما اصطدم منصور حسن بأمين عام الحزب ونائب الرئيس حسنى مبارك، وخرج واختفى من الساحة السياسية.
يُتبع
إظهار التوقيع
توقيع : سارة سرسور
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" .. الحلقة 16 ..الرئيس الأسبق يستسلم لمؤا
سياسيا شعر السادات بخيبة أمل فى المعارضة من اليسار واليمين، وبدأ يتحدث عن «الديمقراطية عندما تكون أكثر شراسة من الديكتاتورية».
ونفس الأمر مع جماعة الإخوان والجماعات الإسلامية، التى ساعد فى ظهورها، واستقدم الإخوان من الخارج ومنحهم حق العمل العلنى، وسمح لهم بإصدار مطبوعاتهم، لكنهم هاجموه فى مجلة الدعوة والاعتصام، وبدأت الجماعات الإسلامية تصادر العمل الثقافى والفنى.
وتمنع الحفلات، وفى خطابه الأخير بدا الرئيس السادات ضائقا بالمعارضة، وبحلفائه فى الإخوان المسلمين، و«أبنائه» أعضاء الجماعات الإسلامية، كانت منابر المساجد تهاجم الرئيس السادات، ووقعت أحداث الفتنة الطائفية، فى الزاوية الحمرا.. وجد السادات نفسه فى مواجهة الجميع.
فى خطاباته التى ألقاها خلال شهر واحد بعد حملة سبتمبر هاجم محمد حسنين هيكل، واتهمه بأنه كان يريد فرض رأيه عليه، وهاجم السادات فؤاد سراج الدين وأسماه «لويس السادس عشر»، واتهمه بأنه يهاجمه، بالرغم من أنه رفع عنه الحراسة وأعطاه أمواله. وكان حزب الوفد أعلن تجميد نشاطه.
ولم يكن الاقتصاد بعيدا عن الارتباك، فقد كان الرئيس السادات وضع أسس اقتصاد السوق، لكنه أبقى على النظام السياسى والبيروقراطى الشمولى.
فتحول الانفتاح الاقتصادى إلى الاستيراد العشوائى، وتعرضت الزراعة والخدمات والبنية الأساسية لاختلالات، فضلا على تضخم الجهاز الإدارى للدولة، بسبب تعيين الخريجيين من دون الحاجة إليهم، وانهيار التعليم، وتوقفت البعثات التى كانت تمد الصناعة بكوادر فنية وإدارية فى الستينيات، والقطاع العام يعانى من مشكلات مالية وإدارية، شركات ضخمة منها الحديد والصلب والغزل والنسيج فضلا على الصناعات المختلفة للزيت والصابون والكتان والألمونيوم والزجاج والأسمدة، وهى صناعات أقامتها الدولة فى عهد جمال عبدالناصر ضمن خطة التنمية والتصنيع فى القاهرة والوجهين البحرى والصعيد، واجهت أيام السادات مشكلات، وبدأت الطبقة العاملة تفقد بريقها وتعجز عن مواجهة الحياة، وشارك العمال فى انتفاضة يناير 77.
حسن أبو باشا
حسنى مبارك الذى ورث هذه التركة كانت أمامه فرصة لكسب المعارضة والأحزاب، وفرصة أن يستعيد علاقات مصر مع الدول العربية، واجه بنيانا سياسيا مرتبكا لكن من الممكن إصلاحه.
بدأ مبارك حكمه بمحاولات للمصالحة مع المعارضة، واستقبل فى القصر الجمهورى قيادات المعارضة والكتاب والمثقفين والسياسيين الذين كانوا اعتقلوا فى حملة سبتمبر، بعد أربعين يوما من رحيل السادات.
كان يسعى لمعرفة ما يدور فى أفكار المعارضة، ويحرص فى الوقت نفسه على تقوية علاقته بالحزب الوطنى الحاكم، ولم يجد لديه الاستعداد لإجراء تغييرات فى الحزب الذى كان يفتقد إلى أى بنيان حزبى، وراهنت المعارضة على أن مبارك سوف ينصت لها ويرفض رئاسة الحزب الوطنى الحاكم، ويبقى رئيسا لكل المصريين، وحكما بين السلطات.
لكن حسنى مبارك خذلهم بسرعة واختار أن يقبل رئاسة الحزب الوطنى، وهو ما كان أول صدمة للمعارضة التى تصورت رئيسا جديدا، فبدأت تعلن عن معارضتها وانتقاداتها للحزب الوطنى وفساده.
مبارك الذى ظل بعيدا عن السياسة نصف عمره، لم يعلن عن مشروع سياسى جديد، وإنما بدا أنه يسير على نفس المشروع السياسى للرئيس السادات بكل ما فيه من مميزات وعيوب.
وخلال العام الأول له فى الحكم كانت تتشكل مراكز قوة جديدة ودوائر وتحالفات يسعى كل منها لاحتلال مكانها فى الصدارة، ومبارك يرى أن كل الأطراف تتعامل معه بصفته صاحب القرار.
احتفظ مبارك بنفس حكومة السادات الأخيرة وتركيبة الحزب الوطنى ومجلسى الشعب والشورى لمدة ثلاثة أعوام، وكان فؤاد محيى الدين رئيس الوزراء وأمين عام الحزب الوطنى، هو من أقنع مبارك بأن بقاءه على رأس الحزب الوطنى يجعل له ظهرا سياسيا قويا يسنده، ويضمن قوة قراراته، وكان فؤاد محيى الدين ومعه تحالف الحزب الوطنى من قيادات الصف الثانى مثل كمال الشاذلى وصفوت الشريف ويوسف والى، يعرفون أن ترك مبارك للحزب الوطنى معناه وفاة هذا الكيان، وسعوا لإحباط أى محاولة من المعارضة لإبعاده عن الحزب، كما سعوا لمنع المعارضة من اليمين أو من الالتفاف حول مبارك، واستغلوا نقطة يعرفونها فيه، وهى أنه لا يميل إلى الأفكار المعقدة ولا يحب السياسة.
سوزان مبارك
وكان العامان 1982 و1983 هما الأخطر فى تكوين طبقات ودوائر المصالح، والصراعات حول مبارك، وبدأت باقتناع مبارك بأن يبقى على رأس الحزب الوطنى لذى كان عبارة عن تجمع لبقايا الاتحاد الاشتراكى، وحزب مصر، والحزب الوطنى، وبدأ قيادات الصف الثانى للحزب الوطنى يديرون الخطط والمؤامرات ليطيحوا بمنافسيهم، بينما مبارك نفسه مقتنع أنه صاحب القرار الأول والأخير، وأعلن بعد توليه الرئاسة يعلن عن توسيع هامش الحريات السياسية والإعلامية.
لم يكن مبارك مجازفا مثلما كان السادات أو عبدالناصر، وكان يرى أن المجازفة لها أضرارها، وفضل طوال الوقت أن يعتبر نفسه رجل الاستقرار والتهدئة، لم يتخذ موقفا واضحا، وكانت مشورة الأمن هى المفتاح الأساسى للتعامل مع الحياة السياسية، وتقارير جهاز أمن الدولة هى الأساس الذى يتم بناء عليه تعيين القيادات العليا، بل الموظفين، وهى بداية مكنت أجهزة الأمن من الصعود والتحكم فى الحياة البيروقراطية بعيدا عن الكفاءة، كما أنها فتحت الباب لأن يتوارث الكبار فى السلطة تعيين الموظفين والقيادات الأمر الذى غير خريطة الدولة إلى الولاء وليس للكفاءة.
خلال العامين الأولين فى حكمه انشغلت الدولة بمحاكمات ومطاردات لأعضاء الجماعات الإسلامية المسلحة، وبدا أن اغتيال السادات والمخاوف من أن تسيطر الجماعات التكفيرية على الدولة جعلت المعارضة تهدأ قليلا انتظارا لما يمكن أن يقدمه مبارك، وراهنت على أن الرئيس الجديد يمكنه أن يسعى لبناء حياة سياسية وحزبية حقيقية.
وعادت الصحف والأحزاب تنشغل أكثر بمتابعة محاكمات تنظيم الجهاد، وتقلب فى أوراق نظام السادات ومعاونيه، وتطرح مطالب بتغيير فى بنية النظام السياسى حتى لا يتكرر الصدام مع النظام.
وأمام مطالب المعارضة بإجراء تغيير بدا مبارك عازفا عن إجراء تغييرات فى الوجوه والشخصيات التى تركها السادات، وأكد احتفاظه بالقيادات التى تركها السادات، ورد فى أول خطاباته فى عامه الأول 82 على من يطالبون بالتغيير قائلا: «أنشد الاستقرار، ولكن التغيير سيتم كلما اقتضته الظروف وبعد دراسته جيدا»، واقتصاديا استجاب لنصائح من حوله من السياسيين والاقتصاديين بعقد مؤتمر اقتصادى فى فبراير 1982.
يقول الدكتور الجنزورى طلبنا الرئيس كمجموعة اقتصادية مكونة من أربعة، وسألنا: كيف يمكن أن ننظر إلى المستقبل؟
قلت: الأمر يتطلب أن نعد لمؤتمر اقتصادى ليكون بداية لإعداد نظرة مستقبلية لخطة قومية طويلة المدى وأخرى متوسطة وقصيرة المدى، بمشاركة كل الأطراف المعنية بغض النظر عن الأيديولوجيات، سواء من اليمين أو اليسار أو الوسط. فطلب الرئيس أن نبدأ.
خرجنا والتقينا فورا فى معهد التخطيط وحاولنا أن نختار أسماء كثيرة لتساهم فى المؤتمر المقترح، وكان فى مقدمتهم الدكتور على الجريتلى والدكتور عبدالجليل العمرى والدكتور عبدالمنعم القيسونى والدكتور إبراهيم حلمى عبدالرحمن والدكتور إسماعيل صبرى عبدالله، ومن كبار الكتاب والمفكرين نجيب محفوظ وأحمد بهاء الدين والدكتور زكى نجيب محمود، وأكثر من خمسين شخصية من العلماء والمفكرين والوزراء والمسؤولين السابقين. عقد المؤتمر وتم إعداد وثيقة تحدد الرؤية المستقبلة للعشرين سنة المقبلة.
يقول الجنزورى إن قرارات المؤتمر كانت الأساس لإعداد وزارة التخطيط الخطة العشرينية «1982-2002» والخمسية الأولى «82-1987» والسنة الأولى «82-1983». وعرضت على مجلس الوزراء التوصيات، لكن ما ذكره خبراء اقتصاد ومن شاركوا فى المؤتمر كان أن نتائج المؤتمر الاقتصادى وتوصياته وضعت فى الأدراج، ولم يعد إليها نظام مبارك، وإلا ما كانت فوضى القرارات والسياسات الاقتصادية تمت.
لكن الدكتور كمال الجنزورى يكشف عن أن طريقة إدارة الحكومة ومجلس الوزراء لم تكن تخلو من أسافين وصراعات وغيرة لا تتناسب مع خطورة ما كان يجرى، حيث يقول إنه ذهب إلى مجلس الشعب لعرض الخطة واستمر النقاش عدة جلسات، وبعد أن تمت مناقشة الخطة العشرينية والخطة الخمسية الأولى وخطة السنة الأولى، وموازنة 82-1983، يقول الجنزورى: كان على الدكتور صلاح حامد وزير المالية، أن يعقب على المناقشات وكان علىّ كوزير تخطيط أن أعقب على ما أثير عن الخطة العشرينية والخمسية والسنة الأولى.
صفوت الشريف
وتحدث صلاح حامد، ثم تحدث الجنزورى ويقول: تكلمت مرتجلا، ونلت الرضا والتصفيق من أعضاء المجلس وفوجئت برئيس الوزراء الدكتور فؤاد محيى الدين يطلب التعليق. وعلق بكلام عام على أهمية التخطيط وكيف أخذت الموازنة العامة فى اعتبارها كل ما يتطلبه المواطن المصرى، خاصة محدودى الدخل.
وفوجئ الجنزورى بعرض مناقشات مجلس الشعب عن الخطة والموازنة، ويتجاهل كلمة وزير المالية صلاح حامد ووزير التخطيط كمال الجنزورى ويكتفى بكلمة رئيس الوزراء، ويقول الجنزورى إنه قبل أن يتحدث مع صفوت الشريف وزير الإعلام قال لى الدكتور يوسف والى: بعد أن تكلمت فى المجلس اليوم، وأجدت وأنصت وصفق لك الجميع، لن يتاح لك الميكروفون بعد اليوم.
وقال: الدكتور فؤاد محيى الدين طلب قصر ما يذاع عن الخطة والموازنة على رئيس الوزارة فقط، ويكشف الجنزورى أن كبار المسؤولين ومنهم رئيس الوزراء كانوا يحرصون على أن يظهروا وحدهم فى الصورة حتى لا يرى الرئيس غيرهم، ويشير كثيرا فى مذكراته إلى أن فؤاد محيى الدين كان يغار من أى مسؤول آخر.
أمر واحد تركز اهتمام مبارك به منذ اللحظة الأولى التى اكتشف فيها أنه نجا من الاغتيال فى المنصة، هو التوصل لكل أعضاء تنظيم الجهاد، وإعادة بناء النظام الأمنى بالشكل الذى يضمن له حماية كبيرة، وبالفعل بدأت على يد وزير الداخلية اللواء حسن أبوباشا عملية بناء جهاز مباحث أمن الدولة بطريقة علمية من جديد ومن دون أن يتم إهمال أى فصيل أو تيار سياسى مهما صغر حجمه، تلافيا للأخطاء التى تسببت فى مقتل الرئيس أنور السادات.
وأيضا بدأت عملية مختلفة فى التعامل مع المعارضة السياسية تختلف فى الشكل والمضمون عن طريقة السادات، الذى كان يتعامل مع المعارضة بندية، ويتصادم معها أمنيا وإعلاميا، ويسعى لإسقاط رموزها فى الانتخابات.. لكن مبارك الذى أعلن عن فتح الباب للعمل السياسى والحزبى كان بموازاة ذلك يعيد بناء أجهزة الأمن بالشكل الذى يجعلها الطرف الأول فى أى معادلة سياسية أو اقتصادية.
وبدأ اللواء حسن أبوباشا فى إعادة بناء جهاز مباحث أمن الدولة كجهاز معلومات، وفى الوقت نفسه بدأ معالجة الموقف سياسيا، لأنه يرى أن الأمن من دون مشروع سياسى وديمقراطية يصبح بلا فاعلية، ويقول أبوباشا فى مذكراته: كان فى تقديرى أن الفكر هو الذى يولد الحركة.
ورأينا أن نعالج الفكر بالفكر والحجة بالحجة والفتوى بالفتوى، كنت أهدف إلى تعرية الفكر المتطرف أمام الشعب وأضع الشباب المسلم أمام ما يفكر فيه المتطرفون، وألقى الضوء على أسانيدهم الخاطئة، استخدمت التلفزيون وطلبت عددا من المشايخ والفقهاء لإجراء حوارات مع عدد من القيادات المسجونة وأعددنا برنامجاً تحت اسم «ندوة للرأى».
بعد نجاح التسجيلات قلت لا بد من إذاعة هذه اللقاءات على التلفزيون لكن رئيس الوزراء كان معارضا، ويقول أبوباشا: ذهبت إلى مجلس الوزراء، ومعى شريطان مسجلان وعرضتهما عليه، وبعد أن شاهد رئيس الوزراء المناظرات علق: «دول مجرمين.. إيه الهبل ده؟».
وقلت: إننى أريد أن يقول كل مصرى هذه العبارات بعد أن يقتنع بما سمع ورأى، ووافق رئيس الوزراء على إذاعة الحلقات وبدأت تذاع فعلا، وكان لها تأثير إيجابى وأصبحت موضع اهتمام وسائل الإعلام المختلفة.
ويروى أبوباشا أنه جاءت انتخابات الإسكندرية التكميلية أواخر العام 1982 وتكتلت أحزاب المعارضة وراء مرشح حزب التجمع أبوالعز الحريرى فى مواجهة مرشح الحزب الوطنى، وطلبت من أجهزة الأمن ألا تتدخل فى توجيه الأصوات، مع التزام الحياد.. ونجح الحريرى فى الفوز بالمقعد، مما شكل صدمة للحزب الوطنى وكانت بداية الصدام بين وزير الداخلية حسن أبوباشا، ورئيس الوزراء فؤاد محيى الدين، الذى قال لمبارك إن وزير الداخلية يتآمر على النظام ويلعب مع المعارضة، وغضب مبارك من أبوباشا وعاتبه.
فؤاد محيى الدين
وفى أوائل 1983 أجريت انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى، وكانت بنظام القوائم الحزبية، قاطعت الأحزاب الانتخابات وأصبحت الساحة قائمة وحيدة للحزب الوطنى.
أصدرت أمرا لمديرى الأمن فى المحافظات أنه على رغم أن الانتخابات مقصورة على الحزب الوطنى فإنه يجب التنبيه على رؤساء اللجان الفرعية بعدم القيام بأى محاولات تزوير، وأن الشرطة ستقوم بضبط أى أعمال من هذا القبيل.
ويومها كتب نجيب محفوظ فى الأهرام قائلا: «هذا يعنى أن الرئيس مبارك رجل مؤمن بالديمقراطية ويطبقها كما جاءت فى الدساتير وأن هناك وزيرَ داخلية مؤمناً بالديمقراطية خلاف ما كان العرف يجرى من تعيين وزراء داخلية وكأنهم قطاع الطرق»، لكن أبوباشا فوجئ فى المؤتمر الصحفى لإعلان نتائج الانتخابات برئيس الوزراء الدكتور فؤاد محيى الدين يتصل باللواء محمد على تعلب مدير مكتبى وقال له: قل للوزير يعلن أن النتيجة بفوز الحزب الوطنى بنسبة 99.9%، ويقول أبوباشا: تجاوزت هذا الرأى وأعلنت أن قدرة الحزب الوطنى على تعبئة المواطنين لانتخاب قائمته نسبتها 51%، تلك كانت كارثة وواقعة جديدة ضمت لملفى الأسود لدى رئيس الحكومة، والتى وصلت ذروتها فى انتخابات 1984 التى انتهت بخروج أبوباشا والإطاحة به.
ويبدو أن مبارك كان وقتها يميل إلى ترك الصراعات من حوله، ويرغب فى أن يظل المسؤولون فى حالة قلق، وهناك قصة ذكرها الدكتور يحيى الجمل، أستاذ القانون والسياسى المعروف، كان الدكتور الجمل عضوا مؤسسا فى حزب التجمع واستقال فى عام 1987 من التجمع وترشح على قائمة الحزب الوطنى وكان موعودا بأن ياتى رئيسا لمجلس الشعب، يقول: إنه فى يوم من أيام عام 1982 فى بدايات حكم مبارك اتصل بى أحد موظفى الرئاسة وطلب منى أن أحضر غدا صباحا إلى الجامع الأزهر للاحتفال بمناسبة دينية، وذهبت صبيحة اليوم التالى، وألقى شيخ الأزهر آنذاك كلمة فى تلك المناسبة، ثم أقيمت الصلاة وصليت مع المصلين، وبعد الصلاة فوجئت بأن الرئيس مبارك يهمس فى أذنى ببعض الكلمات، ولاحظ بعض الحاضرين ذلك وانطلقت الإشاعات منها أن الرئيس مبارك كلفنى بتشكيل الوزارة خلفا لفؤاد محيى الدين، والحقيقة أن مبارك همس فى أذنى قائلا: «هم الشيوعيين بيصلوا»؟ وقلت له هامسا أيضا: يا سيادة الرئيس أنا لست شيوعيا، أنا من القليلين فى مصر الذين كتبوا فى نقد الشيوعية ونقد المادية الجدلية نقدا علميا فلسفيا، وكل الذين يقرأون لى أو يسمعوننى أو يعرفوننى يعرفون أننى رجل صادق الإيمان بالله والحمد لله، ثم أردفت - وفى داخلى غضب - من قال تلك الفرية يا سيادة الرئيس؟ قال: فؤاد محيى الدين، هكذا أجاب حسنى مبارك وعلى وجهه ابتسامة ذات معنى، وقلت فى نفسى: فؤاد محيى الدين الذى بدأ حياته السياسية «فى حركة حدتو» الشيوعية، وكان يعلم يقينا - وهو السياسى الذكى - أن المسافة بينى وبين الشيوعية بعيدة، ومع ذلك فإنه من باب الإيقاع توهما منه أن مبارك يمكن أن يستبدلنى به فإنه لم يتورع أن يصفنى بهذا الوصف، وأعتقد أن مبارك لم يكن جادا فى تصور أننى شيوعى ولديه من الأجهزة ما يمكن أن تقدم له الحقيقة، ولكنه كان يقصد إلى نوع من المزاح أو الوقيعة بينى وبين فؤاد محيى الدين، أو هكذا تصورت.
كمال الجنزوى
ويقول يحيى الجمل: كنت ذات مرة مع الرئيس فى قصر العروبة - بناء على دعوته بطبيعة الحال - وكان الرئيس من قرية من قرى محافظة المنوفية التى أنتمى إليها أنا أيضا، وأذكر أنه فى ذلك اليوم سألنى عن سنى، فلما ذكرته له وأدرك أنه يكبرنى بفترة وجيزة قد لا تصل إلى عامين كاملين إذا به وهو يودعنى إلى باب قصر العروبة يقول وهو يوشك أن يرقص: «وبقيت ريس.. وبقيت ريس»، وتولتنى دهشة غير طبيعية، وأدركت كم كان المنصب أكبر من الرجل، كان مفاجأة له كما كان مفاجأة للناس جميعا، ولكنه على أى حال كان آنذاك يتمتع بروح البساطة وقدر من الفكاهة، وكان يحاول أن يراعى أقدار الآخرين، وأظن أننى كنت من هؤلاء.
مبارك ويوسف والى وكمال الشاذلى
مصطفى السعيد
يحيى الجمل
اليوم السابع
ونفس الأمر مع جماعة الإخوان والجماعات الإسلامية، التى ساعد فى ظهورها، واستقدم الإخوان من الخارج ومنحهم حق العمل العلنى، وسمح لهم بإصدار مطبوعاتهم، لكنهم هاجموه فى مجلة الدعوة والاعتصام، وبدأت الجماعات الإسلامية تصادر العمل الثقافى والفنى.
وتمنع الحفلات، وفى خطابه الأخير بدا الرئيس السادات ضائقا بالمعارضة، وبحلفائه فى الإخوان المسلمين، و«أبنائه» أعضاء الجماعات الإسلامية، كانت منابر المساجد تهاجم الرئيس السادات، ووقعت أحداث الفتنة الطائفية، فى الزاوية الحمرا.. وجد السادات نفسه فى مواجهة الجميع.
فى خطاباته التى ألقاها خلال شهر واحد بعد حملة سبتمبر هاجم محمد حسنين هيكل، واتهمه بأنه كان يريد فرض رأيه عليه، وهاجم السادات فؤاد سراج الدين وأسماه «لويس السادس عشر»، واتهمه بأنه يهاجمه، بالرغم من أنه رفع عنه الحراسة وأعطاه أمواله. وكان حزب الوفد أعلن تجميد نشاطه.
ولم يكن الاقتصاد بعيدا عن الارتباك، فقد كان الرئيس السادات وضع أسس اقتصاد السوق، لكنه أبقى على النظام السياسى والبيروقراطى الشمولى.
فتحول الانفتاح الاقتصادى إلى الاستيراد العشوائى، وتعرضت الزراعة والخدمات والبنية الأساسية لاختلالات، فضلا على تضخم الجهاز الإدارى للدولة، بسبب تعيين الخريجيين من دون الحاجة إليهم، وانهيار التعليم، وتوقفت البعثات التى كانت تمد الصناعة بكوادر فنية وإدارية فى الستينيات، والقطاع العام يعانى من مشكلات مالية وإدارية، شركات ضخمة منها الحديد والصلب والغزل والنسيج فضلا على الصناعات المختلفة للزيت والصابون والكتان والألمونيوم والزجاج والأسمدة، وهى صناعات أقامتها الدولة فى عهد جمال عبدالناصر ضمن خطة التنمية والتصنيع فى القاهرة والوجهين البحرى والصعيد، واجهت أيام السادات مشكلات، وبدأت الطبقة العاملة تفقد بريقها وتعجز عن مواجهة الحياة، وشارك العمال فى انتفاضة يناير 77.
حسن أبو باشا
حسنى مبارك الذى ورث هذه التركة كانت أمامه فرصة لكسب المعارضة والأحزاب، وفرصة أن يستعيد علاقات مصر مع الدول العربية، واجه بنيانا سياسيا مرتبكا لكن من الممكن إصلاحه.
بدأ مبارك حكمه بمحاولات للمصالحة مع المعارضة، واستقبل فى القصر الجمهورى قيادات المعارضة والكتاب والمثقفين والسياسيين الذين كانوا اعتقلوا فى حملة سبتمبر، بعد أربعين يوما من رحيل السادات.
كان يسعى لمعرفة ما يدور فى أفكار المعارضة، ويحرص فى الوقت نفسه على تقوية علاقته بالحزب الوطنى الحاكم، ولم يجد لديه الاستعداد لإجراء تغييرات فى الحزب الذى كان يفتقد إلى أى بنيان حزبى، وراهنت المعارضة على أن مبارك سوف ينصت لها ويرفض رئاسة الحزب الوطنى الحاكم، ويبقى رئيسا لكل المصريين، وحكما بين السلطات.
لكن حسنى مبارك خذلهم بسرعة واختار أن يقبل رئاسة الحزب الوطنى، وهو ما كان أول صدمة للمعارضة التى تصورت رئيسا جديدا، فبدأت تعلن عن معارضتها وانتقاداتها للحزب الوطنى وفساده.
مبارك الذى ظل بعيدا عن السياسة نصف عمره، لم يعلن عن مشروع سياسى جديد، وإنما بدا أنه يسير على نفس المشروع السياسى للرئيس السادات بكل ما فيه من مميزات وعيوب.
وخلال العام الأول له فى الحكم كانت تتشكل مراكز قوة جديدة ودوائر وتحالفات يسعى كل منها لاحتلال مكانها فى الصدارة، ومبارك يرى أن كل الأطراف تتعامل معه بصفته صاحب القرار.
احتفظ مبارك بنفس حكومة السادات الأخيرة وتركيبة الحزب الوطنى ومجلسى الشعب والشورى لمدة ثلاثة أعوام، وكان فؤاد محيى الدين رئيس الوزراء وأمين عام الحزب الوطنى، هو من أقنع مبارك بأن بقاءه على رأس الحزب الوطنى يجعل له ظهرا سياسيا قويا يسنده، ويضمن قوة قراراته، وكان فؤاد محيى الدين ومعه تحالف الحزب الوطنى من قيادات الصف الثانى مثل كمال الشاذلى وصفوت الشريف ويوسف والى، يعرفون أن ترك مبارك للحزب الوطنى معناه وفاة هذا الكيان، وسعوا لإحباط أى محاولة من المعارضة لإبعاده عن الحزب، كما سعوا لمنع المعارضة من اليمين أو من الالتفاف حول مبارك، واستغلوا نقطة يعرفونها فيه، وهى أنه لا يميل إلى الأفكار المعقدة ولا يحب السياسة.
سوزان مبارك
وكان العامان 1982 و1983 هما الأخطر فى تكوين طبقات ودوائر المصالح، والصراعات حول مبارك، وبدأت باقتناع مبارك بأن يبقى على رأس الحزب الوطنى لذى كان عبارة عن تجمع لبقايا الاتحاد الاشتراكى، وحزب مصر، والحزب الوطنى، وبدأ قيادات الصف الثانى للحزب الوطنى يديرون الخطط والمؤامرات ليطيحوا بمنافسيهم، بينما مبارك نفسه مقتنع أنه صاحب القرار الأول والأخير، وأعلن بعد توليه الرئاسة يعلن عن توسيع هامش الحريات السياسية والإعلامية.
لم يكن مبارك مجازفا مثلما كان السادات أو عبدالناصر، وكان يرى أن المجازفة لها أضرارها، وفضل طوال الوقت أن يعتبر نفسه رجل الاستقرار والتهدئة، لم يتخذ موقفا واضحا، وكانت مشورة الأمن هى المفتاح الأساسى للتعامل مع الحياة السياسية، وتقارير جهاز أمن الدولة هى الأساس الذى يتم بناء عليه تعيين القيادات العليا، بل الموظفين، وهى بداية مكنت أجهزة الأمن من الصعود والتحكم فى الحياة البيروقراطية بعيدا عن الكفاءة، كما أنها فتحت الباب لأن يتوارث الكبار فى السلطة تعيين الموظفين والقيادات الأمر الذى غير خريطة الدولة إلى الولاء وليس للكفاءة.
خلال العامين الأولين فى حكمه انشغلت الدولة بمحاكمات ومطاردات لأعضاء الجماعات الإسلامية المسلحة، وبدا أن اغتيال السادات والمخاوف من أن تسيطر الجماعات التكفيرية على الدولة جعلت المعارضة تهدأ قليلا انتظارا لما يمكن أن يقدمه مبارك، وراهنت على أن الرئيس الجديد يمكنه أن يسعى لبناء حياة سياسية وحزبية حقيقية.
وعادت الصحف والأحزاب تنشغل أكثر بمتابعة محاكمات تنظيم الجهاد، وتقلب فى أوراق نظام السادات ومعاونيه، وتطرح مطالب بتغيير فى بنية النظام السياسى حتى لا يتكرر الصدام مع النظام.
وأمام مطالب المعارضة بإجراء تغيير بدا مبارك عازفا عن إجراء تغييرات فى الوجوه والشخصيات التى تركها السادات، وأكد احتفاظه بالقيادات التى تركها السادات، ورد فى أول خطاباته فى عامه الأول 82 على من يطالبون بالتغيير قائلا: «أنشد الاستقرار، ولكن التغيير سيتم كلما اقتضته الظروف وبعد دراسته جيدا»، واقتصاديا استجاب لنصائح من حوله من السياسيين والاقتصاديين بعقد مؤتمر اقتصادى فى فبراير 1982.
يقول الدكتور الجنزورى طلبنا الرئيس كمجموعة اقتصادية مكونة من أربعة، وسألنا: كيف يمكن أن ننظر إلى المستقبل؟
قلت: الأمر يتطلب أن نعد لمؤتمر اقتصادى ليكون بداية لإعداد نظرة مستقبلية لخطة قومية طويلة المدى وأخرى متوسطة وقصيرة المدى، بمشاركة كل الأطراف المعنية بغض النظر عن الأيديولوجيات، سواء من اليمين أو اليسار أو الوسط. فطلب الرئيس أن نبدأ.
خرجنا والتقينا فورا فى معهد التخطيط وحاولنا أن نختار أسماء كثيرة لتساهم فى المؤتمر المقترح، وكان فى مقدمتهم الدكتور على الجريتلى والدكتور عبدالجليل العمرى والدكتور عبدالمنعم القيسونى والدكتور إبراهيم حلمى عبدالرحمن والدكتور إسماعيل صبرى عبدالله، ومن كبار الكتاب والمفكرين نجيب محفوظ وأحمد بهاء الدين والدكتور زكى نجيب محمود، وأكثر من خمسين شخصية من العلماء والمفكرين والوزراء والمسؤولين السابقين. عقد المؤتمر وتم إعداد وثيقة تحدد الرؤية المستقبلة للعشرين سنة المقبلة.
يقول الجنزورى إن قرارات المؤتمر كانت الأساس لإعداد وزارة التخطيط الخطة العشرينية «1982-2002» والخمسية الأولى «82-1987» والسنة الأولى «82-1983». وعرضت على مجلس الوزراء التوصيات، لكن ما ذكره خبراء اقتصاد ومن شاركوا فى المؤتمر كان أن نتائج المؤتمر الاقتصادى وتوصياته وضعت فى الأدراج، ولم يعد إليها نظام مبارك، وإلا ما كانت فوضى القرارات والسياسات الاقتصادية تمت.
لكن الدكتور كمال الجنزورى يكشف عن أن طريقة إدارة الحكومة ومجلس الوزراء لم تكن تخلو من أسافين وصراعات وغيرة لا تتناسب مع خطورة ما كان يجرى، حيث يقول إنه ذهب إلى مجلس الشعب لعرض الخطة واستمر النقاش عدة جلسات، وبعد أن تمت مناقشة الخطة العشرينية والخطة الخمسية الأولى وخطة السنة الأولى، وموازنة 82-1983، يقول الجنزورى: كان على الدكتور صلاح حامد وزير المالية، أن يعقب على المناقشات وكان علىّ كوزير تخطيط أن أعقب على ما أثير عن الخطة العشرينية والخمسية والسنة الأولى.
صفوت الشريف
وتحدث صلاح حامد، ثم تحدث الجنزورى ويقول: تكلمت مرتجلا، ونلت الرضا والتصفيق من أعضاء المجلس وفوجئت برئيس الوزراء الدكتور فؤاد محيى الدين يطلب التعليق. وعلق بكلام عام على أهمية التخطيط وكيف أخذت الموازنة العامة فى اعتبارها كل ما يتطلبه المواطن المصرى، خاصة محدودى الدخل.
وفوجئ الجنزورى بعرض مناقشات مجلس الشعب عن الخطة والموازنة، ويتجاهل كلمة وزير المالية صلاح حامد ووزير التخطيط كمال الجنزورى ويكتفى بكلمة رئيس الوزراء، ويقول الجنزورى إنه قبل أن يتحدث مع صفوت الشريف وزير الإعلام قال لى الدكتور يوسف والى: بعد أن تكلمت فى المجلس اليوم، وأجدت وأنصت وصفق لك الجميع، لن يتاح لك الميكروفون بعد اليوم.
وقال: الدكتور فؤاد محيى الدين طلب قصر ما يذاع عن الخطة والموازنة على رئيس الوزارة فقط، ويكشف الجنزورى أن كبار المسؤولين ومنهم رئيس الوزراء كانوا يحرصون على أن يظهروا وحدهم فى الصورة حتى لا يرى الرئيس غيرهم، ويشير كثيرا فى مذكراته إلى أن فؤاد محيى الدين كان يغار من أى مسؤول آخر.
أمر واحد تركز اهتمام مبارك به منذ اللحظة الأولى التى اكتشف فيها أنه نجا من الاغتيال فى المنصة، هو التوصل لكل أعضاء تنظيم الجهاد، وإعادة بناء النظام الأمنى بالشكل الذى يضمن له حماية كبيرة، وبالفعل بدأت على يد وزير الداخلية اللواء حسن أبوباشا عملية بناء جهاز مباحث أمن الدولة بطريقة علمية من جديد ومن دون أن يتم إهمال أى فصيل أو تيار سياسى مهما صغر حجمه، تلافيا للأخطاء التى تسببت فى مقتل الرئيس أنور السادات.
وأيضا بدأت عملية مختلفة فى التعامل مع المعارضة السياسية تختلف فى الشكل والمضمون عن طريقة السادات، الذى كان يتعامل مع المعارضة بندية، ويتصادم معها أمنيا وإعلاميا، ويسعى لإسقاط رموزها فى الانتخابات.. لكن مبارك الذى أعلن عن فتح الباب للعمل السياسى والحزبى كان بموازاة ذلك يعيد بناء أجهزة الأمن بالشكل الذى يجعلها الطرف الأول فى أى معادلة سياسية أو اقتصادية.
وبدأ اللواء حسن أبوباشا فى إعادة بناء جهاز مباحث أمن الدولة كجهاز معلومات، وفى الوقت نفسه بدأ معالجة الموقف سياسيا، لأنه يرى أن الأمن من دون مشروع سياسى وديمقراطية يصبح بلا فاعلية، ويقول أبوباشا فى مذكراته: كان فى تقديرى أن الفكر هو الذى يولد الحركة.
ورأينا أن نعالج الفكر بالفكر والحجة بالحجة والفتوى بالفتوى، كنت أهدف إلى تعرية الفكر المتطرف أمام الشعب وأضع الشباب المسلم أمام ما يفكر فيه المتطرفون، وألقى الضوء على أسانيدهم الخاطئة، استخدمت التلفزيون وطلبت عددا من المشايخ والفقهاء لإجراء حوارات مع عدد من القيادات المسجونة وأعددنا برنامجاً تحت اسم «ندوة للرأى».
بعد نجاح التسجيلات قلت لا بد من إذاعة هذه اللقاءات على التلفزيون لكن رئيس الوزراء كان معارضا، ويقول أبوباشا: ذهبت إلى مجلس الوزراء، ومعى شريطان مسجلان وعرضتهما عليه، وبعد أن شاهد رئيس الوزراء المناظرات علق: «دول مجرمين.. إيه الهبل ده؟».
وقلت: إننى أريد أن يقول كل مصرى هذه العبارات بعد أن يقتنع بما سمع ورأى، ووافق رئيس الوزراء على إذاعة الحلقات وبدأت تذاع فعلا، وكان لها تأثير إيجابى وأصبحت موضع اهتمام وسائل الإعلام المختلفة.
ويروى أبوباشا أنه جاءت انتخابات الإسكندرية التكميلية أواخر العام 1982 وتكتلت أحزاب المعارضة وراء مرشح حزب التجمع أبوالعز الحريرى فى مواجهة مرشح الحزب الوطنى، وطلبت من أجهزة الأمن ألا تتدخل فى توجيه الأصوات، مع التزام الحياد.. ونجح الحريرى فى الفوز بالمقعد، مما شكل صدمة للحزب الوطنى وكانت بداية الصدام بين وزير الداخلية حسن أبوباشا، ورئيس الوزراء فؤاد محيى الدين، الذى قال لمبارك إن وزير الداخلية يتآمر على النظام ويلعب مع المعارضة، وغضب مبارك من أبوباشا وعاتبه.
فؤاد محيى الدين
وفى أوائل 1983 أجريت انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى، وكانت بنظام القوائم الحزبية، قاطعت الأحزاب الانتخابات وأصبحت الساحة قائمة وحيدة للحزب الوطنى.
أصدرت أمرا لمديرى الأمن فى المحافظات أنه على رغم أن الانتخابات مقصورة على الحزب الوطنى فإنه يجب التنبيه على رؤساء اللجان الفرعية بعدم القيام بأى محاولات تزوير، وأن الشرطة ستقوم بضبط أى أعمال من هذا القبيل.
ويومها كتب نجيب محفوظ فى الأهرام قائلا: «هذا يعنى أن الرئيس مبارك رجل مؤمن بالديمقراطية ويطبقها كما جاءت فى الدساتير وأن هناك وزيرَ داخلية مؤمناً بالديمقراطية خلاف ما كان العرف يجرى من تعيين وزراء داخلية وكأنهم قطاع الطرق»، لكن أبوباشا فوجئ فى المؤتمر الصحفى لإعلان نتائج الانتخابات برئيس الوزراء الدكتور فؤاد محيى الدين يتصل باللواء محمد على تعلب مدير مكتبى وقال له: قل للوزير يعلن أن النتيجة بفوز الحزب الوطنى بنسبة 99.9%، ويقول أبوباشا: تجاوزت هذا الرأى وأعلنت أن قدرة الحزب الوطنى على تعبئة المواطنين لانتخاب قائمته نسبتها 51%، تلك كانت كارثة وواقعة جديدة ضمت لملفى الأسود لدى رئيس الحكومة، والتى وصلت ذروتها فى انتخابات 1984 التى انتهت بخروج أبوباشا والإطاحة به.
ويبدو أن مبارك كان وقتها يميل إلى ترك الصراعات من حوله، ويرغب فى أن يظل المسؤولون فى حالة قلق، وهناك قصة ذكرها الدكتور يحيى الجمل، أستاذ القانون والسياسى المعروف، كان الدكتور الجمل عضوا مؤسسا فى حزب التجمع واستقال فى عام 1987 من التجمع وترشح على قائمة الحزب الوطنى وكان موعودا بأن ياتى رئيسا لمجلس الشعب، يقول: إنه فى يوم من أيام عام 1982 فى بدايات حكم مبارك اتصل بى أحد موظفى الرئاسة وطلب منى أن أحضر غدا صباحا إلى الجامع الأزهر للاحتفال بمناسبة دينية، وذهبت صبيحة اليوم التالى، وألقى شيخ الأزهر آنذاك كلمة فى تلك المناسبة، ثم أقيمت الصلاة وصليت مع المصلين، وبعد الصلاة فوجئت بأن الرئيس مبارك يهمس فى أذنى ببعض الكلمات، ولاحظ بعض الحاضرين ذلك وانطلقت الإشاعات منها أن الرئيس مبارك كلفنى بتشكيل الوزارة خلفا لفؤاد محيى الدين، والحقيقة أن مبارك همس فى أذنى قائلا: «هم الشيوعيين بيصلوا»؟ وقلت له هامسا أيضا: يا سيادة الرئيس أنا لست شيوعيا، أنا من القليلين فى مصر الذين كتبوا فى نقد الشيوعية ونقد المادية الجدلية نقدا علميا فلسفيا، وكل الذين يقرأون لى أو يسمعوننى أو يعرفوننى يعرفون أننى رجل صادق الإيمان بالله والحمد لله، ثم أردفت - وفى داخلى غضب - من قال تلك الفرية يا سيادة الرئيس؟ قال: فؤاد محيى الدين، هكذا أجاب حسنى مبارك وعلى وجهه ابتسامة ذات معنى، وقلت فى نفسى: فؤاد محيى الدين الذى بدأ حياته السياسية «فى حركة حدتو» الشيوعية، وكان يعلم يقينا - وهو السياسى الذكى - أن المسافة بينى وبين الشيوعية بعيدة، ومع ذلك فإنه من باب الإيقاع توهما منه أن مبارك يمكن أن يستبدلنى به فإنه لم يتورع أن يصفنى بهذا الوصف، وأعتقد أن مبارك لم يكن جادا فى تصور أننى شيوعى ولديه من الأجهزة ما يمكن أن تقدم له الحقيقة، ولكنه كان يقصد إلى نوع من المزاح أو الوقيعة بينى وبين فؤاد محيى الدين، أو هكذا تصورت.
كمال الجنزوى
ويقول يحيى الجمل: كنت ذات مرة مع الرئيس فى قصر العروبة - بناء على دعوته بطبيعة الحال - وكان الرئيس من قرية من قرى محافظة المنوفية التى أنتمى إليها أنا أيضا، وأذكر أنه فى ذلك اليوم سألنى عن سنى، فلما ذكرته له وأدرك أنه يكبرنى بفترة وجيزة قد لا تصل إلى عامين كاملين إذا به وهو يودعنى إلى باب قصر العروبة يقول وهو يوشك أن يرقص: «وبقيت ريس.. وبقيت ريس»، وتولتنى دهشة غير طبيعية، وأدركت كم كان المنصب أكبر من الرجل، كان مفاجأة له كما كان مفاجأة للناس جميعا، ولكنه على أى حال كان آنذاك يتمتع بروح البساطة وقدر من الفكاهة، وكان يحاول أن يراعى أقدار الآخرين، وأظن أننى كنت من هؤلاء.
مبارك ويوسف والى وكمال الشاذلى
مصطفى السعيد
يحيى الجمل
اليوم السابع
إظهار التوقيع
توقيع : سارة سرسور
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" .. الحلقة 16 ..الرئيس الأسبق يستسلم لمؤا
إظهار التوقيع
توقيع : ريموووو
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" .. الحلقة 16 ..الرئيس الأسبق يستسلم لمؤا
إظهار التوقيع
توقيع : سارة سرسور
التوقيع لا يظهر للزوار ..
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ||
| مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة 15..كيف أقنع فؤاد محيى الدين مبارك ب | سارة سرسور | اهم الاخبار - اخبار يومية | ||
| مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة 11..مبارك وأشرف مروان | سارة سرسور | اهم الاخبار - اخبار يومية | ||
| مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة العاشرة.. مبارك خطط للإطاحة بمنافسه | سارة سرسور | اهم الاخبار - اخبار يومية | ||
| مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة الثامنة.. مبارك وأبوغزالة.. أسرار ال | سارة سرسور | اهم الاخبار - اخبار يومية | ||
| مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة الثالثة.. رحلة أجداد مبارك من البحير | سارة سرسور | اهم الاخبار - اخبار يومية | ||
الساعة الآن 02:03 AM
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع