مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 21.. مبارك.. وأسرار الإطاحة بوزير
مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 21.. مبارك.. وأسرار الإطاحة بوزير الداخلية أحمد رشدى..هل راح أحمد رشدى ضحية مواجهة المخدرات وصراعات الكبار حول مبارك
غلاف الحلقة
بدت الفرص أمام مبارك بعد تولى الرئاسة سانحة لإعادة بناء السلطة، خاصة أنه وقتها لم يبد عليه الزهو بالمنصب، كان يختار بناء على معلومات وترشيحات، لم يبق على اللواء النبوى إسماعيل وزيرا للداخلية بالرغم من أن هذا الأخير بادر إلى تحذيره من الاتصالات التى يجريها الفريق كمال حسن على مع بعض المسؤولين يستقرئ فيها الرأى فى دفعه لمقعد الرئاسة ونفس الأمر مع المشير أبوغزالة.. وتم إجراء الاستفتاء بسرعة وتفويت الفرصة على أى منافسة، أراد النبوى أن يضمن وجوده فى السلطة، لكن مبارك كان اتخذ العزم على الاستغناء عن النبوى بعد ثبوت فشله الأمنى.
كان شعور مبارك بالأمن وحرصه عليه أحد أهم النقاط التى استند إليها فى رئاسته، وكان وزراء الداخلية هم الأكثر عرضة للتغيير فى أول خطأ أمنى، بالرغم من حرص مبارك على عدم التغيير حتى فى أعلى درجات المعارضة لحكوماته، ولعب أبوباشا دورا من أخطر الأدوار فى مقابلة الجماعات الإسلامية، وأعاد بناء أمن الدولة، لكنه وسع اختصاصاته، وخرج وقد فقد الجهاز ميزته وتداخلت أدواره لتمتد إلى السياسة والاقتصاد بشكل جعل الجهاز الأمنى واجهة النظام، لكن تصادم أبوباشا مع مراكز القوة فى النظام أطاح به وجاء أحمد رشدى، وكان اختيارا جيدا لأن رشدى كان رجل أمن محترف ونظيفا، ويريد فرض القانون.
بعد انتخابات 1984 أطاح حسنى مبارك بوزير الداخلية اللواء حسن أبوباشا، لعدة أسباب أهمها أنه كان يصر على إجراء الانتخابات البرلمانية بشفافية، وجاء اللواء أحمد رشدى وزيرا للداخلية، وكان أحد النماذج المهمة فى تاريخ نظام مبارك، ومثال على حجم التغيرات التى جرت على طريقة مبارك فى الحكم، وكيف استسلم أحيانا لصراعات كان يراها تخدمه، بينما هى تفسد السلطة. وصف البعض الفترة الأولى لحسنى مبارك فى الرئاسة، بأنها أفضل فترة فى سنوات رئاسته، لأنه قدم نفسه كرئيس يحرص على نظافة اليد ولا يضع أحدا فوق القانون، ويسعى لمواجهة الأزمة الاقتصادية والديون والتضخم. وينهى الخصومة العربية التى تم إعلانها ضد مصر فى أعقاب الصلح المنفرد مع إسرائيل.
كان أحمد رشدى ضابطا فى المباحث العامة عندما اكتشف رجل المخابرات المصرية رفعت الجمال وقدمه لرجل المخابرات البكباشى «المقدم» عبدالمحسن فائق «محسن ممتاز» الأب الروحى لـ«رفعت الجمال» الشهير برأفت الهجان الفتى الغامض، الذى فشل جهاز مباحث الإسكندرية فى الحصول على أى معلومة عنه. مما جعل أحمد رشدى يرشحه فورا لعبدالمحسن فائق ليصبح «رفعت الجمال» عميل المخابرات المصرية الذى قضى أغلب عمره فى إسرائيل، ولم يكشف أمره أو أمر شبكته إلا بعد وفاته.
استمر رشدى فى عمله بالمباحث العامة الذى أصبح بعد ذلك جهاز مباحث أمن الدولة. وظل يترقى فى عمله كضابط ناجح، وعمل تحت قيادة اللواء حسن أبوباشا، وعندما غيرت السياسة اتجاه الجهاز وأصدر السادات تعليماته لأمن الدولة بالتركيز على الشيوعيين والناصريين وعدم التعرض للجماعات الإسلامية. تطورت الأمور حتى وقع اغتيال الرئيس السادات، كان وقتها رشدى مديرا لأمن القاهرة. وتحرك بمدرعة لحماية مبنى الإذاعة والتفزيون، ومنع وصول عبود الزمر لتلاوة بيان الثورة الإسلامية.
وتولى اللواء حسن أبوباشا وزارة الداخلية، وحاول العمل على محاور مختلفة أحدها أمنى والآخر فكرى، ورعى أسلوب المراجعات الفقهية.. وأتى بالمتهمين والجناة من السجون والمعتقلات وأجلسهم علنا مع كبار الفقهاء بمصر يجادلونهم فكريا أمام شاشات التلفزيون ونجح الأسلوب مع بعضهم. وتمكن الأمن خلال الثمانينيات من اختراق تلك الجماعات وأصبح الصراع متكافئا من حيث معلومات كل طرف. لكن السياسة ظلمت أبوباشا مرة أخرى ليتولى أحمد رشدى وزارة الداخلية فى فترة صعبة منتصف الثمانينيات.
كان ملف الجماعات الإسلامية مازال مفتوحا، ظهرت تنظيمات مختلفة، منها العائدون من أفغانستان والناجون من النار. وكان ملف الفساد الرسمى مستمرا وملف تجارة المخدرات متسعا، وغير قابل للعلاج وتطورت تجارة المخدرات فى ظل الانشغال الأمنى بمواجهات الإرهاب. بدا أحمد رشدى العمل بتعليمات صارمة لمتابعة قيادات الأمن لأعمالهم من مواقعها.. والخروج من مكاتبهم للشوارع، وكان ينظم حملات التفتيش والمتابعة والانضباط لإزالة الإشغالات وتنظيم المرور بنفسه أحيانا، بحسم مع التزام بالقانون وعدم وجود استثناءات مع أصحاب النفوذ وظهر انتظام الشارع.. وتغير أسلوب المعاملة بين رجال الشرطة والمواطنين للأفضل.. لكن هذه السياسات جلبت على الوزير غضبا من جهات عديدة رأت الوزير وسياسته يمثل تهديدا لمصالحهم المتشابكة مع الفساد والمخدرات.
بدا أحمد رشدى حملة لمواجهة تجارة المخدرات، التى كانت فى قمة ازدهارها، خاصة الحشيش الذى بدا فى نهاية عصر السادات أمرا مسلما به، وأحيانا مرحبا به.. تم التساهل فى مواجهة الحشيش، ضمن توازن المزاج العام، دون أن تكون هذه سياسة معلنة.
وحتى منتصف الثمانينيات كانت الكميات التى تتسرب إلى الأسواق تضمن استقرار سعر الحشيش، ضمن معادلة العرض والطلب. وبدا سلعة شبه مشروعة، وتردد فى النكات والحديث الشعبى أن شعبية السادات كانت مرتفعة فى أوساط الحشاشين.. كان هذا قبل أن تعرف مصر الأنواع الأخطر مثل الأفيون والكوكايين والهيروين والمواد التخليقية والأدوية المخدرة، التى كانت تستلزم قيام نظام تهريب كامل يستند إلى منظمات دولية وزعماء إقليميين كبار، وجزء من حلف السلطة داخل المجتمع. واستلزم ذلك شبكات وأسس تنظيمية عالية القدرة تتخذ ستارا من السرية والقوة من خلال مؤسسات اقتصادية ومالية ضخمة تمثل واجهة من أنشطة مشروعة تخفى الأنشطة الاقتصادية المحرمة، جيوش من خبراء القانون مهمتهم الدفاع وتكييف القضايا. وصلات بدوائر النفوذ والسياسة، وتحرص هذه المنظمات على الدفع بعدد من أفرادها للمؤسسات التشريعية والتنفيذية، ضمن شبكة عنكبوتية داخل المجتمع وأيضا مؤسساته السياسية.
يُتبع
اليوم السابع
غلاف الحلقة بدت الفرص أمام مبارك بعد تولى الرئاسة سانحة لإعادة بناء السلطة، خاصة أنه وقتها لم يبد عليه الزهو بالمنصب، كان يختار بناء على معلومات وترشيحات، لم يبق على اللواء النبوى إسماعيل وزيرا للداخلية بالرغم من أن هذا الأخير بادر إلى تحذيره من الاتصالات التى يجريها الفريق كمال حسن على مع بعض المسؤولين يستقرئ فيها الرأى فى دفعه لمقعد الرئاسة ونفس الأمر مع المشير أبوغزالة.. وتم إجراء الاستفتاء بسرعة وتفويت الفرصة على أى منافسة، أراد النبوى أن يضمن وجوده فى السلطة، لكن مبارك كان اتخذ العزم على الاستغناء عن النبوى بعد ثبوت فشله الأمنى.
كان شعور مبارك بالأمن وحرصه عليه أحد أهم النقاط التى استند إليها فى رئاسته، وكان وزراء الداخلية هم الأكثر عرضة للتغيير فى أول خطأ أمنى، بالرغم من حرص مبارك على عدم التغيير حتى فى أعلى درجات المعارضة لحكوماته، ولعب أبوباشا دورا من أخطر الأدوار فى مقابلة الجماعات الإسلامية، وأعاد بناء أمن الدولة، لكنه وسع اختصاصاته، وخرج وقد فقد الجهاز ميزته وتداخلت أدواره لتمتد إلى السياسة والاقتصاد بشكل جعل الجهاز الأمنى واجهة النظام، لكن تصادم أبوباشا مع مراكز القوة فى النظام أطاح به وجاء أحمد رشدى، وكان اختيارا جيدا لأن رشدى كان رجل أمن محترف ونظيفا، ويريد فرض القانون.
بعد انتخابات 1984 أطاح حسنى مبارك بوزير الداخلية اللواء حسن أبوباشا، لعدة أسباب أهمها أنه كان يصر على إجراء الانتخابات البرلمانية بشفافية، وجاء اللواء أحمد رشدى وزيرا للداخلية، وكان أحد النماذج المهمة فى تاريخ نظام مبارك، ومثال على حجم التغيرات التى جرت على طريقة مبارك فى الحكم، وكيف استسلم أحيانا لصراعات كان يراها تخدمه، بينما هى تفسد السلطة. وصف البعض الفترة الأولى لحسنى مبارك فى الرئاسة، بأنها أفضل فترة فى سنوات رئاسته، لأنه قدم نفسه كرئيس يحرص على نظافة اليد ولا يضع أحدا فوق القانون، ويسعى لمواجهة الأزمة الاقتصادية والديون والتضخم. وينهى الخصومة العربية التى تم إعلانها ضد مصر فى أعقاب الصلح المنفرد مع إسرائيل.
كان أحمد رشدى ضابطا فى المباحث العامة عندما اكتشف رجل المخابرات المصرية رفعت الجمال وقدمه لرجل المخابرات البكباشى «المقدم» عبدالمحسن فائق «محسن ممتاز» الأب الروحى لـ«رفعت الجمال» الشهير برأفت الهجان الفتى الغامض، الذى فشل جهاز مباحث الإسكندرية فى الحصول على أى معلومة عنه. مما جعل أحمد رشدى يرشحه فورا لعبدالمحسن فائق ليصبح «رفعت الجمال» عميل المخابرات المصرية الذى قضى أغلب عمره فى إسرائيل، ولم يكشف أمره أو أمر شبكته إلا بعد وفاته.
استمر رشدى فى عمله بالمباحث العامة الذى أصبح بعد ذلك جهاز مباحث أمن الدولة. وظل يترقى فى عمله كضابط ناجح، وعمل تحت قيادة اللواء حسن أبوباشا، وعندما غيرت السياسة اتجاه الجهاز وأصدر السادات تعليماته لأمن الدولة بالتركيز على الشيوعيين والناصريين وعدم التعرض للجماعات الإسلامية. تطورت الأمور حتى وقع اغتيال الرئيس السادات، كان وقتها رشدى مديرا لأمن القاهرة. وتحرك بمدرعة لحماية مبنى الإذاعة والتفزيون، ومنع وصول عبود الزمر لتلاوة بيان الثورة الإسلامية.
وتولى اللواء حسن أبوباشا وزارة الداخلية، وحاول العمل على محاور مختلفة أحدها أمنى والآخر فكرى، ورعى أسلوب المراجعات الفقهية.. وأتى بالمتهمين والجناة من السجون والمعتقلات وأجلسهم علنا مع كبار الفقهاء بمصر يجادلونهم فكريا أمام شاشات التلفزيون ونجح الأسلوب مع بعضهم. وتمكن الأمن خلال الثمانينيات من اختراق تلك الجماعات وأصبح الصراع متكافئا من حيث معلومات كل طرف. لكن السياسة ظلمت أبوباشا مرة أخرى ليتولى أحمد رشدى وزارة الداخلية فى فترة صعبة منتصف الثمانينيات.
كان ملف الجماعات الإسلامية مازال مفتوحا، ظهرت تنظيمات مختلفة، منها العائدون من أفغانستان والناجون من النار. وكان ملف الفساد الرسمى مستمرا وملف تجارة المخدرات متسعا، وغير قابل للعلاج وتطورت تجارة المخدرات فى ظل الانشغال الأمنى بمواجهات الإرهاب. بدا أحمد رشدى العمل بتعليمات صارمة لمتابعة قيادات الأمن لأعمالهم من مواقعها.. والخروج من مكاتبهم للشوارع، وكان ينظم حملات التفتيش والمتابعة والانضباط لإزالة الإشغالات وتنظيم المرور بنفسه أحيانا، بحسم مع التزام بالقانون وعدم وجود استثناءات مع أصحاب النفوذ وظهر انتظام الشارع.. وتغير أسلوب المعاملة بين رجال الشرطة والمواطنين للأفضل.. لكن هذه السياسات جلبت على الوزير غضبا من جهات عديدة رأت الوزير وسياسته يمثل تهديدا لمصالحهم المتشابكة مع الفساد والمخدرات.
بدا أحمد رشدى حملة لمواجهة تجارة المخدرات، التى كانت فى قمة ازدهارها، خاصة الحشيش الذى بدا فى نهاية عصر السادات أمرا مسلما به، وأحيانا مرحبا به.. تم التساهل فى مواجهة الحشيش، ضمن توازن المزاج العام، دون أن تكون هذه سياسة معلنة.
وحتى منتصف الثمانينيات كانت الكميات التى تتسرب إلى الأسواق تضمن استقرار سعر الحشيش، ضمن معادلة العرض والطلب. وبدا سلعة شبه مشروعة، وتردد فى النكات والحديث الشعبى أن شعبية السادات كانت مرتفعة فى أوساط الحشاشين.. كان هذا قبل أن تعرف مصر الأنواع الأخطر مثل الأفيون والكوكايين والهيروين والمواد التخليقية والأدوية المخدرة، التى كانت تستلزم قيام نظام تهريب كامل يستند إلى منظمات دولية وزعماء إقليميين كبار، وجزء من حلف السلطة داخل المجتمع. واستلزم ذلك شبكات وأسس تنظيمية عالية القدرة تتخذ ستارا من السرية والقوة من خلال مؤسسات اقتصادية ومالية ضخمة تمثل واجهة من أنشطة مشروعة تخفى الأنشطة الاقتصادية المحرمة، جيوش من خبراء القانون مهمتهم الدفاع وتكييف القضايا. وصلات بدوائر النفوذ والسياسة، وتحرص هذه المنظمات على الدفع بعدد من أفرادها للمؤسسات التشريعية والتنفيذية، ضمن شبكة عنكبوتية داخل المجتمع وأيضا مؤسساته السياسية.
يُتبع
اليوم السابع
إظهار التوقيع
توقيع : سارة سرسور
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 21.. مبارك.. وأسرار الإطاحة بوز
وبدا أن هناك مناخا اقتصاديا يتيح الفرصة للجريمة المنظمة كان الرئيس السادات استجاب لمطالب بعض المقربين وأوقف نشاط جهاز الرقابة الإدارية المختص بتتبع رشاوى المسؤولين وقضايا الفساد. وهو جهاز أعاده مبارك فى أوائل سنوات حكمه. ومع بداية الثمانينيات اتسعت تجارة المخدرات الأكثر خطرا من الحشيش، مثل الهيروين والكوكايين والمنشطات، وواجه التجار التقليديون أزمة لأنهم لم يكونوا يميلون لتغيير النشاط من الحشيش إلى مشتقات الأفيون والكوكايين نظرا لخطورة عقوبتها التى تصل للإعدام وقلة شعبيتها واقتصارها على الأثرياء. كان تجار المخدرات التقليديون يودعون عصرهم. بينما يظهر زعماء «مافيا» فى تركيا واليونان يبحثون عن تجار جدد أكثر جرأة، ممن يمتلكون علاقات مالية وسياسية، ويمكنهم تسهيل إدخال المخدرات الجديدة للبلاد.. ثم إن ارتباط تجارة المخدرات بتجارة السلاح تنم عن ضلوع رجال استخبارات سابقين فى تمويل تجارة المخدرات والسلاح.
ازدهرت تلك التجارة بمصر فى منتصف الثمانينيات عبر كيانات يساندها شخصيات ذات علاقات مالية وسياسية، ولما جاء أحمد رشدى كانت الجماعات الدينية المسلحة قد تفرقت وإن لم تختف، لكن المخدرات كانت تنتشر بشكل شبه علنى، وتتجاوز الحشيش والأفيون إلى الهيروين والكوكايين والمخلقات.
بعد توليه وزارة الداخلية طلب اللواء أحمد رشدى من مبارك السماح له بالعمل دون محاذير وأن يطبق القانون بحسم وبلا تفرقة. ووافق مبارك، وبدأ رشدى عملية الانضباط فى الشارع وظهرت نتائجه. ثم بدأ أخطر مواجهة مع تجارة المخدرات وتعرف على عقبات الوصول إلى تفاصيلها، واكتشف أن حى «الباطنية» أحد أفقر أحياء القاهرة مركز وعصب تجارة المخدرات وأسطورة فى السينما والواقع. حى ضيق كثير التفرعات هو مصب المخدرات من داخل وخارج مصر على يد كبار المهربين لتبدأ رحلتها إلى تجار التجزئة. كانت حملات مباحث مكافحة المخدرات تفشل فى ضبط أى تاجر، بسبب تواطؤ بعض رجال الشرطة، يؤدى لانتقال المعلومات قبل كل حملة، حيث تختفى المخدرات من شوارع الباطنية وأزقتها، وتختفى طوابير المدمنين. واكتشف أن أغلب المخبرين السريين ومرشدى المباحث فى الباطنية هم الناضورجية ناهيك عن عدد من كبار وصغار الضباط، وكانت تجارة الحشيش حولتهم لأثرياء.
وضع أحمد رشدى خطة على طريقة المخابرات، دعا رجال الشرطة السرية والعلنية فى الباطنية لاجتماع مع الوزير.. ولما خلا الحى من المرشدين. انطلقت قوات الشرطة فى عرباتها المصفحة ولم يكن يعلم بالخطة ووجهتها سوى أقرب مساعدى الوزير. تساقط عدد كبير من رجال مافيا المخدرات فى واحدة من كبرى عمليات مكافحة المخدرات، التى أعادت وجود الدولة فى الباطنية من سيطرة التجار والناضورجية ورجال الشرطة المتواطئين.
تزامنت حملات الداخلية على المخدرات مع عملية تطهير فى إدارة مكافحة المخدرات بالداخلية وضم عناصر لا يعرفها المهربون الذين اكتشف رشدى أنهم كانوا يملكون خريطة معلومات بكل الضباط، ويشترون من يمكن شراؤه أو يصفون من يرفض. وأكمل رشدى بتشديد الرقابة على المنافذ والحدود، وداخليا إلى زراعات الأفيون والحشيش فى سيناء وغيرها. اخترق عالم المخدرات وتعامل بالمعلومات وقضى على جزء كبير من تجارة المخدرات. لكنه كان يضرب مصالح كبار التجار والضباط والمسؤولين ورجال أعمال ومافيا دولية كانت تخسر مليارات. وكانت شبكات المافيا تتصل ببعضها فالمخدرات والسلاح والمنشطات والأدوية المخدرة ترتبط ضمن شبكات عالمية وإقليمية ومحلية، سياسية واقتصادية. كان الكبار والممولين منهم مسؤولون فى الدولة أو على علاقات قوية بالبرلمان والحكومة. واستمرت الحرب عامين وبدا أحمد رشدى على وشك تحقيق انتصار ساحق. لكن لم تكن مافيا المخدرات لتصمت أمام انتهاك معاقلها.
لم تمنع معركة المخدرات أحمد رشدى من تفعيل دور مباحث أمن الدولة فى مواجهة نشاط المخابرات الأجنبية والمنظمات المختلفة داخل البلاد، والكشف عن شبكات تجسس ومخططات خارجية وإرهاب، وكانت هناك خلافات بين مبارك ومعمر القذافى فى ليبيا، كانت العلاقات بين السادات والقذافى توترت ووصلت إلى التصادم، واستمر التوتر بعد تولى مبارك. وسعى القذافى لتنفيذ عمليات ضمن أنشطته ضد النظام المصرى، منها عملية تم كشفها وإخراجها تليفزيونيا هى عملية البكوش.
وصلت إلى جهاز مباحث أمن الدولة معلومات عن مخطط محكم لاغتيال المعارض الليبى المقيم فى مصر عبدالحميد البكوش، وتم تكليف منظمة أوروبية لاغتياله نظير مبلغ ضخم تم سداد نصفه نقدا للمنظمة باليونان، وتبقى النصف الآخر لما بعد التنفيذ. تم إبلاغ الوزير أحمد رشدى والسماح لعنصرى المنظمة اللذين وصلا للتنفيذ بالدخول ووضعهما تحت الرقابة.. تم الدفع بضابطين من أمن الدولة للاتصال بهما وإيهامهما أنهما منشقان عرفا بالعملية أو أنهما على استعداد للقيام بتلك المهمة نظير المال، المنظمة المحترفة كانت تلم بمعلومات عن جهاز الشرطة وتعرف مدى الترهل الذى أصيب به قبل وأثناء حادث المنصة.
حصل الضابطان على نصف المبلغ مقدما ونفذاها بالفعل وتم اغتيال البكوش أمام عميلى المنظمة اللذين تابعا جسد البكوش الغارق فى دمه قبل أن يودعه الضابطان مقبرة مهجورة وأسرعا مع العميلين بالهرب.. والتقط عميلا المنظمة الصور لجثمان البكوش.
وبعد التنفيذ رفض الضابطان السماح للعميلين بالرحيل قبل أن يتقاضيا بقية المبلغ المتفق عليه، وأتى المبلغ مع عميل المنظمة الثالث الموجود فى اليونان.. تم إلقاء القبض عليه ومصادرة المبلغ ليلحق بزميليه رهن الاعتقال. وفى مؤتمر صحفى وتليفزيونى عالمى حضره مندوبو الصحف والتليفزيونات شرح أحمد رشدى ملابسات وأسباب اغتيال اللاجئ السياسى عبدالحميد البكوش، مع إعلان الصحف قبلها عن نجاح عملية الاغتيال وصور الضحية.
فوجئ العالم كله بوزير الداخلية مبتسما يلقى التحية على جميع المندوبين وأمام الكاميرات مد يده إلى باب مجاور وسحب شخصا ما، كان اللاجئ السياسى المغتال ووقف البكوش أمام عدسات التليفزيون يستقبل نظرات الذهول، تضاعفت شعبية الوزير وزاد أعداؤه.
وكان الفساد هو أيضا له نصيب كبير فى المواجهة، وفى صباح الأربعاء 4 فبراير 1986، قبل 21 يوما من تفجر الأمن المركزى، سافر اللواء محمد عبدالحليم موسى مدير الأمن العام وقتها على رأس مجموعة من مفتشى المباحث الجنائية بوزارة الداخلية إلى الإسكندرية هاجموا شقة وقبضوا على متهمين هاربين من حكم صادر ضدهما بالسجن لمدة 10 سنوات فى قضية رشوة، هذان المتهمان كانا عبدالخالق المحجوب، وكان خبيرا بإدارة النقد بوزارة الاقتصاد وشقيق رئيس مجلس الشعب الدكتور رفعت المحجوب وقتها، والثانى رفعت بشير وكيل أول وزارة الاقتصاد لشؤون النقد الأجنبى. كانت قضية هروب المحجوب وبشير عقب الحكم عليهما حضوريا أمرا مثيرا، وكانت جريدة الوفد من الصحف التى واصلت النشر فى هذا الأمر، وتناول رئيس تحريرها مصطفى شردى القضية بشكل سبب إحراجا للحكومة، وللسلطة التشريعية، كانت جريدة الوفد تبنت هذا الأمر شهورا، وكانت جريدة الوفد بشكل عام ضمن الصحف التى تقف فى مواجهة رئيس مجلس الشعب رفعت المحجوب سياسيا وأيديولوجيا وكانت تحصل على معلوماتها من جهات داخل النظام، وكانت صحف المعارضة تستفيد من صراعات السلطة، فى الحصول على أخبار، وأيضا تستفيد من التضاد داخل الحكومة وأجهزة الدولة. اتهمت الوفد رئيس مجلس الشعب بتسهيل هروب شقيقه من تنفيذ حكم بالسجن لمدة 10 سنوات، وتقدم أحد أعضاء مجلس الشعب باستجواب لرئيس الوزراء ووزير الداخلية عن أسباب وكيفية هروب شقيق رئيس مجلس الشعب وتحددت جلسة 5 فبراير 1986 لنظر الاستجواب، وقبلها بيوم نجح وزير الداخلية فى اصطياد شقيق المحجوب.
وفى نفس الوقت كان رشدى يلقى بيانا بمجلس الشعب وأعلن أن عام 1986 هو عام تطهير مصر من المخدرات، وبعدها بأيام وبعد ظهر 11 فبراير 1986 هاجم ضباط الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة بقيادة اللواء حسن الألفى، مبنى وزارة الصناعة بجاردن سيتى وضبطوا 11 وكيل وزارة، كانوا جميعا شاغلى غالبية مبنى الوزارة، وفتشوا المكاتب بحثا عن الأدلة والمستندات ولم يكن إذن النيابة يتضمن مكتب السيد الوزير.. وكانت القضية التى اشتهرت بـ«قضية الرشوة الكبرى»، أكبر وأخطر قضية رشوة فى تاريخ مصر، تضم وكلاء وزارات ورؤساء هيئات بدرجة نائب وزير و8 من وكلاء الوزارة و7 من رجال الأعمال أحدهم ألمانى الجنسية.. الاتهام كان تقاضى رشوة بلغت 5.5 ملايين جنيه لإرساء عطاء مصنع الورق بقوص على شركة ألمانية بالمخالفة للقانون.
كان الإعلان عن ضبط تلك القضية أشبه بقنبلة، قدم وزير الصناعة احتجاجا لرئيس الوزراء ضد وزير الداخلية. وخرج اللواء أحمد رشدى وزير الداخلية على الرأى العام ليؤكد فى تصريحات صحفية أن سياسته فى إدارة وزارة الداخلية ثابتة ومعلنة منذ أن تولى الوزارة قبل عام وبضعة شهور.
وكما أشار فاروق المقرحى مساعد وزير الداخلية الأسبق فقد وردت أسماء 8 وزراء فى تسجيلات قضية الرشوة الكبرى كانت تهدد بإطاحة الوزارة ولهذا تم إجبار رشدى على الاستقالة.
كل هذه القصص تشير إلى أن هناك أطرافا كثيرة كانت تريد رحيل أحمد رشدى لأنه لم يراع توازنات واكتفى بالقانون. ونسب لبعض المقربين أن هناك علاقة بين صفوت الشريف وخروج رشدى، لكنها كانت اتهامات بلا أدلة.
كل فئة من الفئات الكبرى التى أضر رشدى بمصالحها كانت تفكر فى كيفية الانتقام، ضباط كبار ورجال مال متورطون فى تجارة المخدرات، لكن المؤكد والشاهد أن أحداث الأمن المركزى كانت السبب الرئيسى فى إقالته، ولم تكن أحداثا واقعية ومنطقية، لكن لم يتم الكشف عن ملابسات حدوثها.
فى 25 فبراير 1986 بعد انتشار شائعة فى المعسكرات بمد خدمة تجنيد الأمن المركزى إلى أربع سنوات. وخصم رواتبهم لتسديد ديون مصر، وانتشرت الشائعة بين الجنود الذين كانوا معروفين بالطاعة والخنوع، وانفجرت معسكرات الأمن المركزى فى الهرم وخرج الجنود وحرقوا قسم شرطة الهرم وانطلق الجنود من معسكرين للأمن المركزى، أولهما على الطريق بين القاهرة والفيوم، والثانى على الطريق بين القاهرة الإسكندرية. وامتدت إلى ستة معسكرات مختلفة فى القاهرة، والجيزة، والقليوبية، وسوهاج، وأسيوط، والإسماعيلية. كان هناك حوالى 300 ألف جندى، معظمهم من أبناء الفلاحين الفقراء الذين يحول تجنيدهم الإجبارى إلى وزارة الداخلية باعتبارهم يدا عاملة رخيصة، أو «معدومة الأجر»، كانت مرتباتهم بين 4 و6 جنيهات.
وارتبطت نشأة الأمن المركزى بمحاولات مواجهة المظاهرات بعد هزيمة يونيو فى عهد شعروى جمعة وزير الداخلية، وتم التوسع فى الأمن المركزى، الذى فشل فى مواجهة انتفاضة 17 و18 يناير 1977. تشكل الأمن المركزى أيام السادات كقوة عسكرية تنتمى للشرطة لمواجهة الشغب وحفظ الأمن الداخلى، لمنع اللجوء للقوات المسلحة للعمل بالداخل. وكان يتم تغذية قطاع الأمن المركزى من دفعات المجندين ممن ينعدم عندهم المستوى التعليمى والثقافى، فئة شديدة الأمية قوية البنيان، بهدف السيطرة عليهم باعتبارهم آلات بشرية تتحرك بأوامر قادتها دون تفكير أو مناقشة.
وكان يتم إعدادهم وتدريبهم على أعلى مستوى قتالى وتسليحهم بأدوات فض الشغب فى المظاهرات، وبالأسلحة الأتوماتيكة. ولهذا القطاع أربعة معسكرات فى القاهرة الكبرى، ومعسكر فى كل منطقة أو قطاع من الدولة، ويتحرك الأمن المركزى بأوامر من القيادات العليا للشرطة، بخلاف قوات الأمن التى تحرس المبانى والمنشآت والهيئات.
وكشف اللواء أحمد رشدى، وزير الداخلية الأسبق، فى حوار وحيد تفاصيل ما حدث ليلة انقلاب الأمن المركزى، قال رشدى: وصلتنى الشائعة قبلها وأبلغت مساعد الوزير وطلبت منه الاجتماع بالضباط والعساكر وإعلان كذب الشائعات، وبعدها بأيام وكنت فى منزلى فوجئت باتصال من مكتبى يخبرنى بأن عساكر الأمن المركزى متذمرون وخرجوا فى الجيزة عند ترعة الزمر، فتوجهت إلى هناك سريعا ووجدت مدير الأمن ومحافظ الجيزة وقتها، يقفون بعيدا، سلمت عليهم وتركتهم ودخلت وسط العساكر المتذمرين وحاولت أن أوضح لهم الحقيقة وأستمع لمطالبهم وكدت أموت. لكنى خرجت سالما بعد تهدئة العساكر، وعدت لمكتبى فى الثانية عشرة ليلا ففوجئت بالسيد على لطفى رئيس الوزراء يطلب منى إصدار بيان حول الأحداث، فقلت له لا يجوز أن أصدر بيانا ليلا فلننتظر للصباح، فرفض، فقلت له لن أصدر بيانا، وافعلوا ما تشاءون، وعدت لمنزلى وفوجئت ببيان صادر فى الإذاعة بجميع المحطات واستمع له عساكر الأمن المركزى فى المعسكرات، فعادوا مرة أخرى لتذمرهم وخرجوا فى الصباح مرة ثانية فاتصل بى رئيس الوزارء مرة أخرى، وقال لى ماذا ستفعل، قلت له لن أستطيع أن أجعل عساكر أمن مركزى تتصدى لعساكر أمن مركزى، وطلبت منه نزول الجيش، وبالفعل حدث وتوجهت للرئيس مبارك ومعى استقالتى، وتقدمت بها، وقبلها الرئيس. ولم ينقل عن مبارك أى تعليق بعد رحيل رشدى سوى قوله إن ما حدث لا يمكن بعده استمرار الوزير، لكنه اعترف له بالكفاءة، والتقاه بعد سنوات عندما ترشح ودخل مجلس الشعب وسلم عليه فقط، دون أن يتبادل معه أى أحاديث.
ويكشف على لطفى رئيس الوزراء وقتها: الرئيس مبارك بعد حادث الأمن المركزى: اتصل بى وطلب أن أدلى ببيان واتصلت بـ«أحمد رشدى»، وزير الداخلية، وطلبت منه عمل بيان بالليل، فرفض. وعملت البيان ورتبت مع التليفزيون لتسجيله، فإذا بالرئيس يتصل بى مجددا، ويقول لى: معلهش أنا إللى هاعمل البيان. ويضيف: الأمر ضايقنى إلى أبعد حد. ما الفارق بين أن ألقى البيان أو يلقيه الرئيس؟ ولم يكن يترك أحدا يتخذ قرارا، هو يعبدالقرار. والأهم أن رئيس الوزراء الأسبق على لطفى نفى ما تردد عن قتل الجيش لـ700 جندى من الأمن المركزى أثناء فض تمردهم، وقال بخلاف من سقطوا وقتها لم أتلق أى معلومات حول ذلك. وكانت هناك شائعات أن الطيران قصف الجنود وقتل منهم مئات.
وصدرت الأوامر للمشير أبوغزالة، وزير الدفاع، بالتدخل، فأصدر الوزير أوامره بنزول عدد من وحدات الصاعقة والمدرعات. وخلال ساعات تمكن أفراد القوة من التعامل مع أفراد الأمن المركزى بالقتال اليدوى طبقا للأوامر الصادرة لمواجهة المتمردين العزل من السلاح.
وبعد السيطرة على الأمر أمنيا تم إنقاذ الوزير أحمد رشدى الذى غامر بالذهاب منفردا بمقر معسكر الهرم فتلقفه بعض الجنود الثائرين بالحجارة وكان الوزير معرضا للقتل لولا أن أدركته القوات الخاصة فى الوقت المناسب والدماء تفجر من وجهه.. صدم رشدى من استقبال الجنود له بهذا الشكل، وتذكر كلمات قائد الأمن المركزى الذى طمأنه بأن الأمور تحت السيطرة، وقال رشدى له ما حدث كان مؤلما.. وما آلمنى أكثر خديعتك لى وأنت تقول بسيطرتك على الأحداث رشدى لم يتحدث كثيرا. وتحدث بعض معاونى الوزير عن ضلوع بعض الضباط الكبار داخل الأمن المركزى فى توزيع المنشورات، وأن بعض كبار تجار المخدرات استخدموا حلفاء لهم ممن أطاح رشدى بمصالحهم. لكن تبقى كل هذه الأقوال بلا سند رسمى، بينما الوقائع تشير إلى ذلك.
للواء أحمد رشدى لم يتحدث مباشرة، ولم يوجه اتهامات محددة لكنه أشار على وزراء ومسؤولين كبار شاركوا فى صناعة المؤامرة ضده، والدليل أن قوات الأمن المركزى لم يحدث أن ثارت أو تمردت بهذا الشكل لا قبل عام 86 ولا بعده، وليس من طبيعتهم أن يثوروا وتمردهم يحتاج لتأمل، هناك إشارات قالت إن وراء هذه الأحداث كان صفوت الشريف وزير الإعلام ويوسف والى الأمين العام للحزب الوطنى والدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق.. وقد كتب محمد صلاح الزهار وصاحب كتاب وزراء على كف عفريت أن معلومات توفرت لديه بوجود مؤامرة على أحمد رشدى ليس فقط من تجار المخدرات لكن أيضا من مسؤولين كبار، لأن وزير الداخلية قبض على شقيق رئيس مجلس الشعب الدكتور رفعت المحجوب، واقتحم وزارة الصناعة ليقبض على 11 مسؤولا فى قضية الصناعة الكبرى. مع ملاحظة أن هذه السنوات من حكم مبارك، كانت أكثر سنوات تشهد صراعات بين المسؤولين وبعضهم، للبقاء فى القمة. ولم يخل الأمر من تسريبات وخطط وحملات متبادلة لعبت فيها الصحف الحزبية دورا كبيرا. بينما كان وزير الداخلية أحمد رشدى يعمل بالقانون ويرفض أى تدخلات ويساوى بين المواطن فى إشارة مرور وبين شقيق رئيس مجلس الشعب.
ولا أحد يمكنه أن يجزم بأن هناك شخصا محددا، لكن المؤكد أن أحمد رشدى كان له أعداء كثيرون، وأن مبارك كان يعرف ذلك، وقد سانده فى البداية، وقال له إن أحدا ليس فوق القانون، لكنه أمام حادث الأمن المركزى قبل استقالته. قضى اللواء أحمد رشدى 19 شهرا فى وزارة الداخلية كانت شهورا فارقة، فالرجل فرض الانضباط فى الشارع وواجه المخدرات وألزم الضباط الكبار والصغار بالذهاب لمكاتبهم مبكرا، واعتاد على التعامل بنفسه مع المخالفات المرورية أو التعديات الصارخة على الأرصفة أو الطرق أثناء سيره متوجها لمكتبه أو منزله، كان يعاقب السائق أو المواطن المخالف، والضابط.
وفور هدوء الأحداث اجتمع مبارك مع جنود الأمن المركزى فى معسكراتهم.. وأصدر أوامره بسرعة التحقيق فى الأحداث. لكن التحقيقات لم تستمر أو طويت ضمن كثير من التحقيقات، شهادات بعض الجنود فى معسكر الهرم كشفت أنهم عندما رفضوا الاشتراك فى التمرد، تعرضوا لضغوط وتهديدات من بعض زملائهم لإجبارهم على المشاركة.. وظهرت منشورات مجهولة تم توزيعها على الجنود تحتوى تأكيدات بخبر مد الخدمة لعام إضافى.
خرج رشدى وجاء زكى بدر وكانت فترة حسنى مبارك الأولى فى الرئاسة تقترب من نهايتها ليستعد لفترة رئاسية ثانية. لكن إقالة رشدى صنعت فرحة بين تجار المخدرات الذين احتفلوا بصنف حشيش جديد فى الأسواق أطلق عليه التجار اسم «باى باى رشدى».
كانت استعانة مبارك بالقوات المسلحة بعد تردد خاصة أنه كان بدأ بالفعل يشعر بنوع من الغيرة تجاه وزير الدفاع المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة، وتشير الأحداث والشهادات إلى أن مبارك تأخر فى إصدار تعليماته للجيش بالنزول، وأن وزير الدفاع استبق قرار مبارك وأمر بنزول قوات الصاعقة قبل ست ساعات بعد أن تلقى تقارير تكشف عن تدهور الأحوال، كما أن نزول الجيش لمواجهة الأمن المركزى القوة الضاربة الأولى كان دليلا على تصاعد دور وزير الدفاع أبوغزالة، ولمعانه وأن هناك من طالبه باستكمال دوره والتقاط السلطة والإطاحة بمبارك، لكن أبوغزالة رفض وقال إن فعلتها اليوم فسيأتى من يفعلها معى غدا. لكن هناك من سجل بعض آحاديث أبوغزالة التى كان يتفوه فيها ببعض الانتقادات لمبارك ونقلها للرئيس الذى أسر فى نفسه أمرا. أحداث الأمن المركزى مثلما أطاحت بأحمد رشدى وزير الداخلية المحترف المحبوب شعبيا، جعلت مبارك يضع فى اعتباره إزاحة أبوغزالة الذى بدا المنافس الأكبر له على السلطة. واستغل أول فرصة ليطيح به من طريقه.
اليوم السابع
إظهار التوقيع
توقيع : سارة سرسور
التوقيع لا يظهر للزوار ..
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ||
| مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة18..مبارك وأسرار مطبخ صفوت الشريف | سارة سرسور | اهم الاخبار - اخبار يومية | ||
| مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة19.. مبارك وعلى لطفى حكومة سكرتارية | سارة سرسور | اهم الاخبار - اخبار يومية | ||
| مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 17.. أسرار حرب مبارك..القصة الكاملة | سارة سرسور | اهم الاخبار - اخبار يومية | ||
| مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة الثامنة.. مبارك وأبوغزالة.. أسرار ال | سارة سرسور | اهم الاخبار - اخبار يومية | ||
| مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة الثالثة.. رحلة أجداد مبارك من البحير | سارة سرسور | اهم الاخبار - اخبار يومية | ||
الساعة الآن 10:34 PM
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع