أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

14 الـتـعـزيـة و أحـكـامـهـا.. و الـبـدع الـتـي يجب تجنّبها

الـتـعـزيـة و أحـكـامـهـا.. و الـبـدع الـتـي يجب تجنّبها
و لمّا دخل في موضوع التعزية ( مواساة أهل الميّت ).. الكثير من البدع و الأخطاء.. كان لا بدّ من التطرّق لـهذا الموضوع..
لـمعرفة ما كان يفعله رسول الله صلّ الله عليه و سلّم و صحابته فيما اختصّ بـالتّعزية.. و كسرا للعادات الخاطئة التي أصبحت متأصّلة في مجتماعتنا..
و االابتعاد عن البدع التي لا تؤدي بـأصحابها الا الى الضرر و الهلاك

الفقرة الأولى ( تعريف التعزيّة )

فـالتعزية هي من السنّة.. و من المستحبّ تأديتها.. لما جاء من حديث رسول الله عليه الصلاة و السّلام :
( ما من مؤمن يعزّي أخاه بـمصيبة إلا كـساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة) رواه ابن ماجة والبيهقي .
و لمّا توفيّ جعفر.. جلس رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة و التسليم حزينا في المسجد.. و اقترب النّاس منه و صار يعزّونه

الفقرة الثانية ( كيفيّة التعزية )

أمّا التعزية فـتكون بالمواساة.. و أن يقول المعزّي لـصاحب المصيبة : عظّم الله أجرك , أو أحسن الله أجرك و جبر مصيبتك ..
و غيرها من الأقاويل .. التي هي في الأساس دعاء للميت و مواساة أهل الميّت
ملاحظة : يمكن لـجيران أهل الميّت أو أقربائه..أن يفعلوا أكثر من المواساة و الدعاء.. كـتحضير الطعام و اعطائه لأهل الميّت..
الذين هم في مصيبة و لا يوجد لهم وقت أو فراغ لـتحضير الطعام.. و لأنّ ذلك يساعدهم و يعينهم في مصيبتهم..
و هذا الأمر من الجيران و الأقارب.. فيه الكثير من الخير لهم و تطبيق لـحديث رسول الله عليه الصلاة و السلام عندما توفيّ جعفر :
( اصنعوا لآل جعفر طعاماً ، فإنّه جاءهم ما يشغلهم عنه ) رواه أبو داود والترمذي وهو صحيح .
طبعا.. يمكن للقريب و البعيد صنع الطعام لأهل الميّت..و احتراز الخير من هذه الأعمال..
و الجيران و الأقارب هم أوّل من يجب مساعدة جيرانهم من أهل الميّت و صنع الطعام لهم و تقديمه

الفقرة الثالثة ( البدع الحاصلة في التعزية )

لكن مع الأسف.. دخل على موضوع التعزية الكثير من الأخطاء و البدع.. ممّا يقوم به أهل الميّت
من تحضير الطعام الفاخر و يقومون بـالطّلب من النّاس الحضور و الأكل.. كـنوع من تكريم الميّت بـحسب رأيهم.. و هذه من عوائد الجاهليّة و الفرعونيّة
و قد يدخل في هذا الأمر الكثير من الأخطاء.. كـالرياء و صرف للأموال و ضياع الوقت.. و اعتبار أنّ تكريم الميّت يكون بـالمفاخرة الطعام
و التفنّن بـأنواعه و أشكاله و كثرة الدّفع عليه و غيره
بالاضافة الى عادة أهل الميّت بـتحديد مكان و زمان لاستقبال المعزّين و تقبّل تعازيهم..
و قالت اللجنة الدائمة للأفتاء في ذلك الأمر :
واتخاذ ذلك عادة لم يكن من عمل النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن من عمل أصحابه ، فما اعتاده الناس من الجلوس للتعزية حتى ظنوه دينا ، وانفقوا فيه الأموال الطائلة ، وقد تكون التركة ليتامى ، وعطلوا فيه مصالحهم ، ولاموا من لم يشاركهم ويفد إليهم ، كمن ترك شعيرة إسلامية ، هذا من البدع المحدثة ، التي ذمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في عموم قوله : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه ، وفي الحديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " رواه أبو داود والترمذي وهو صحيح ، فأمر باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده ، فهم لم يكونوا يفعلون ذلك ، وحذَّر من الإبتداع والإحداث في الدين ، وبين أنه ضلال ، فعلى المسلمين أن يتعاونوا على إنكار هذه العادات السيئة والقضاء عليها إتباعاً للسنة ، وحفظ الأموال والأوقات ، وبعداً من مثار الأحزان ، وعن التباهي بكثرة الذبائح ، ووفود المعزين ، وطول الجلسات ، وليسعهم ما وسع الصحابة والسلف الصالح من تعزية أهل الميت ، وتسليتهم والصدقة عنه والدعاء له بالمغفرة والرحمة
اذا,, هذه الأمور كلّها مخالفة للشرع.. و هي من البدع.. و قد قال الصحابة في ذلك منهم جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه :
كنا نعدّ ( وفي رواية : نرى ) الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
و قد قال رسول الله صلّ الله عليه و سلّم في النياحة :
( النائحة إذا لم تتب تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب) أخرجه أبو داود والحديث صحيح .


الفقرة الرابعة ( البدع بـاختصار )

اذا.. البدع التي يقع فيها أهل الميّت.. هي تحضير الطعام للمفاخرة بـكرمهم و تكريم الميّت على طريقتهم ! و يقومون بـعزيمة النّاس للحضور
الى تحديد اليوم الثالث العزاء لـهذا الغرض ( الطعام ) , الى استئجار أشخاص لـقراءة القران.. و الأذكار و الأدعية بـصيغة الجماعة..
الى استئجار صالات للعزاء.. و دفع الأموال الطائلة لأستئجارها.. ممّا يدخل الرياء في عملهم و صرف الاموال في غير محلّها..
الى تحديد زمان و مكان للعزاء و دعوة الناس و محاسبة من لا يأتي منهم.. ووووو


الفقرة الخامسة ( رأي العلماء الرافضين لـمسألة الأجتماع للتعزية )

أجمع كلّ العلماء أنّ ما يفعله أهل الميّت من أفعال في الفقرة الرابعة.. هي من البدع.. و عليه ينطبق على هذه الأعمال أنّها من النياحةلـحديث الصحابي جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه :
كنا نعدّ ( وفي رواية : نرى ) الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة.و قد قال رسول الله صلّ الله عليه و سلّم في النياحة :( النائحة إذا لم تتب تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب) أخرجه أبو داود والحديث صحيح .---------و لكنّ العلماء اختلفوا في قضيّة اجتماع النّاس في مكان معيّن لـتعزية أهل الميّت..ان كان في بيت أو في صالات العزاء و صالات المساجد و غيرهاو قالت فئة من العلماء أنّ التصدّي.. أيّ اجتماع النّاس في مكان معيّن للعزاء قام أهل الميّت بـتحديده..هو من الأعمال المكروهة.. و استدلّوا بـذلك أنّ رسول الله عليه الصلاة و السلام عندما توفيّ جعفر بن أبي طالب.. جلس في المسجد حزينا.. و أتاه النّاس لـيعزّونهحيث لم يقم بـتحديد المكان.. بل جلس وحده و النّاس هم من أتوا يعزّونهو عندما توفيّ لـرسول الله زوجتان و توفيّ أولاده.. لم يأتي عنه أو أحد أخبر عنه.. أنّه فتح أماكن للعزاء و غيرهو عندما توفيّ أمراء المؤمنين من أبي بكر الى عثمان بن عفّان رضي الله عنهم.. لم يعهد على الصحابة و السلف الصالح أنّهم فتحوا أبواب عزاءو استدلّت هذه الفئة من العلماء.. بـحديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه :
كنا نعدّ ( وفي رواية : نرى ) الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة.و قال هؤلاء العلماء أنّه عندما ينتهي الدفن.. فـلينصرف الجميع الى أعماله.. و أنّ تعزية أهل الميّت.. من أب أو أخّ و نحوه..تكون عن طريق الذهاب الى مكان عمله أو ملاقاته في المسجد أو في السوق و نحوه.. لا أن يتمّ الأجتماع في مكان يحدّده أهل الميّت..من البيت الى صالات العزاء و غيرها.. و المرأة التي تريد أن تعزّي.. تذهب الى بيت المرأة التي مات لها شخص..و رأى بعضهم.. كـابن عثيمين رحمه الله.. أنّه لا بأس من ذهاب المعزّي الى أهل الميّت في بيتهم.. و مواساتهم و من ثمّ الخروج..لما في ذلك من تحقيق صلة الرّحم و اعانة أهل الميّت.. على أن يتمّ تجنّب صالات العزاء.. لما قد يقع فيها من البدعو لأنّ ذلك بحسب رأيه يخالف لما فعله الصحابة و الشرع.. الذي لم يعهد أن اجتمع الناس في زمانها على مجالس العزاءو قال بعضهم.. بـأن يعزّي الشخص أهل الميّت عند المقابر اذا لحقوا بـالجنازة.. و أن ينتهي الموضوع عند هذا العملو أنّ الشخص بـامكان أن يعزّي صاحب المصيبة حتّى قبل الدّفن.. و بـمجرّد سماع خبر الوفاةومن هؤلاء العلماء الرافضين لـمسالة الجلوس للعزاء :الأمام الشافعيّ و أقوال لأحمد و الحنفيّة , و الشيرازي و النووي و المرداوي , و الطرطوشي , و ابن عثيمين و اللّجنة الدائمة للأفتاء و الشيخ الفوزان و غيرهم

الفقرة السادسة ( رأي العلماء الموافقين على مسألة الأجتماع للتعزية )

قبل كلّ شيء.. فـلقد اشترط هؤلاء العلماء الموافقين على مسألة الأجتماع.. أن يكون المكان الذي يتمّ فيه الأجتماع..خالي من البدع.. من وجود طعام و تفاخر به.. الى حلقات القران و استئجار النّاس له.. و ذكر محاسن الميّت و المديح به و الفحش في البكاء ووولأنّ ذلك كلّه من النياحة.. و ينطبق عليه حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه :
كنا نعدّ ( وفي رواية : نرى ) الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
أمّا استدلالهم بـأنّ الاجتماع لا بأس به.. هو اعتبارهم أنّ حديث بن عبد الله البجلي.. ربط مسالة الأجتماع بـوجود الطعام..و الذي يوقع الشخص في موضوع النياحة.. امّا ان كان الاجتماع دون طعام و تفاخر و ما شابهه.. فلا بأسكما استدلّوا بـما جاء في حديث البخاريّ عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها :كان إذا مات لها ميّت اجتمع النساء عندها، فإذا أتى وقت الطعام أمرت بالبرمة فأُصلحت فشربوا منها أو أكلوا منها.و استدلّوا ايضا بـرواية عن عائشة رضي الله عنها.. أنّ رسول الله صلّ الله عليه و سلّم كان جالسا حزينا لـوفاة جعفر بن أبي طالب و ابن حارثة و ابن رواحة..و كانت عائشة تنظر للمجلس من خلف الباب.. و كان رجل أتى الى رسول الله.. يشكو بكاء نساء جعفر و طلب رسول الله أن ينهاهنّو قال ابن حجر عن هذه الرواية.. أنّها تجيز الأجتماع للعزاء بـسكينة و وقار..و هذه هي الرواية :لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتلُ ابن حارثة و جعفر وابن رواحة جلسَ يُعرفُ فيه الحُزنُ وأنا أنظرُ من صائر الباب شق الباب فأتاه رجلٌ فقال : إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن فذهب ثم أتاه الثانية لم يطعنه فقال : إنهَهُن فأتاه الثالثة قال : والله غلبننا يا رسول الله فزعمت أنه قال : "فاحثُ في أفواههن التراب" فقلت : أرغم الله أنفك لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء ـ رواه البخاري ومسلمو استدلّ العلماء أيضا.. بأنّ السلف كان يذهبون للتعزية.. ويُعزَّى أهل الميت في بيتهم وأهل الميت يستقبلون الناس.. ما جاء من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّ رسول الله رأى فاطمة.. فـسألها عمّا أخرجها من بيتها.. فـقالت رضي الله عنها أنّها كانت تعزّي في ميّتو هذه هي الرواية :بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بامرأة لا تظن أنه عرفها فلما توسط الطريق وقف حتى انتهت إليه فإذا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : " ما أخرجك من بيتك يا فاطمة قالت : أتيت أهل هذا الميت فترحمت إليهم وعزيتهم بميتهم قال : لعلك بلغت معهم الْكُدَى قالت : معاذ الله أن أكون بلغتها وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر فقال لها : لو بلغتها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك" رواه أبوداود والنسائي وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله .و دليل أنّ نساء بني مغيرة اجتمعوا في دار خالد من الوليد يبكينه.. و قال عمر رضي الله عنه : ما عليهن أن يُرِقْنَ من دموعهن ما لم يكن نقعاً أو لقلقةز فـقال العلماء الموافقين على الأجتماع.. أنّ الاجتماع بـذلك لا بأس به.. شريطة غياب أيّ نوع من أنواع النياحة..و أنّه اذا كان الأجتماع مصحوب بـقهوة أو ماء أو تمر.. فلا بأس.. و الشرع يوجب اكرام الضيفو دعموا موقفهم أيضا.. أنّ الزمن الحالي و تطوّر العمران و انشغال النّاس.. جعل من الصعب على النّاس أن يجدوا بعضهم بـسهولة للتعزية..و أنّه حتّى لا يذهب على النّاس هذه السنّة.. سنّة التعزية.. فـلا بأس من الأجتماع و تعزيّة أهل الميّت و الانصرافومن هؤلاء العلماء الموافقين على مسألة الجلوس للعزاء :قول للحنفيّة و قول لأحمد في موضوع التسهيل و الترخيص , و قول للمالكيّة , و الشيخ ابن باز رحمهم الله






الفقرة السابعة ( ذكرى أسبوع , ذكرى الأربعين و تحديد ثلاثة أيّام للتعزية..هل تجوز هذه الأعمال؟ )

بعض مشايخ الحنفيّة.. قالوا أنّ الجلوس للمصيبة ثلاثة أيّام, لا بأس بذلك..و أنّه مكروه التعزية و الجلوس للعزاء أكثر من هذه الأيّام الثلاثو قال بـذلك الامام النووي و ابن مفلح و ابن عابدين و الشبخ البهوتي و ابن عثيمين أمّا بعض العلماء.. قالوا أنّ تحديد الأيّام بـثلاث أو غيرها.. هو من الأمور المكروهة.. و أنّ التعزية لا تحديد لـزمنها..و قال بذلك الامام الشافعيّ و أحمد و ابن باز و اللّجنة الدائمة والألباني.. و بالتالي فـانّ التعزية لا تحديد فيها و يمكن زيادتها عن ثلاثة ايّام والراجح من القولين.. أن لا تحديد لأيّام التعزية هو القول الراجح.. لأنّ الغرض من التعزية هي تسلية صاحب المصيبة و شرح صدرهو النهي عن الجزع و الحمل على الصبر أمّا موضوع ذكرى أسبوع أو أربعين أو سنة و غيرها.. ليست من السنّة..و بالتالي يجب عدم فعلها..عدا أنّ فيها تجديد للأحزان و دفع مصاريف لا ضرورة لها

الفقرة الثامنة ( استخدام القران في السيارة المصاحبة للميّت و في بيت العزاء.. حلال أم حرام ؟ )

أجمع العلماء على نهي هذا العمل.. و استخدام القران في الأمور الحزينة.. و اعطاء انطباع أنّ القران لا يتمّ سماعه الا في الأحزان..و ممّا قد يثير من الشؤم و الخوف و الحزن عند بعض القلوب الضعيفة


الفقرة التّاسعة ( فتاوي العلماء بالتفصيل )

ابن باز رحمه الله : بسم الله الرحمن الرحيم الجلوس للتعزية وهو أن يجتمع أهل الميت في مكان ويأتي الناس لتعزيتهم اختلف فيه أهل العلم على أقوال :
الأول : أن ذلك مكروه لأنه خلاف عمل السلف وفيه تجديد للأحزان وتكليف لأهل الميت واستدل بعضهم بأن ذلك داخل في قول النبي الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) وإلى هذا ذهب الشافعية والحنابلة وكذلك هو مذهب الحنفية إذا كان في المسجد .
الثاني : أن ذلك جائز مباح واستدلوا بما في البخاري ومسلم من حديث عائشة قالت : لما جاء النبي مقتل زيد بن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن. وفي رواية أبي داود قالت : ( جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد يعرف في وجهه الحزن ) وإلى هذا ذهب الحنفية والمالكية وهو رواية عن أحمد وقد بوب عليه البخاري فقال : باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن .
الثالث : أن ذلك حرام لا يجوز لما روى أحمد وابن ماجه عن جرير بن عبد الله البجلي قال : ( كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة ) .
وقد نقل أبو داود عن أحمد قوله : لا أرى لهذا الحديث أصلاً فهو حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج .
وعلى القول بصحته فهو محمول على مجموع الصورة لا على مجرد الاجتماع وبهذا قال بعض أهل العلم .
والذي يظهر لي أنه إن خلا الجلوس من الإضافات البدعية فإنه لا بأس به لاسيما إذا كان لا يتأتى للناس التعزية إلا بذلك والله أعلم .


ابن عثيمين رحمه الله : أصل الجلوس للتعزية خلاف السنة ، ولم يكن معروفاً في عهد الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أن يجتمع أهل الميت ليتلقوا العزاء من الناس، بل كانوا يعدون صنعة الطعام في بيت أهل الميت، والاجتماع على ذلك من النياحة، والنياحة من كبائر الذنوب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة وقال: «النائحة إذا لم تتب تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب»، أخرجه أبو داود والحديث صحيح نعوذ بالله، فلهذا نحن ننصح إخواننا المسلمين عن فعل هذه التجمعات التي ليست خيراً لهم بل هي شر لهم.
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله : التعزية عند الوفاة مشروعة ، لأنها من باب المواساة ، وفيها دعاء للميت ، وذلك بأن يقول المعزي لمن أُصيب بوفاة قريب : " أحسن الله عزاءك ، وجبر مصيبتك ، وغفر لميتك " . ولا ينبغي أن يكون هناك مبالغات في العزاء من نصب الخيام ، والاجتماع الكبير والتوسع في صنعة الطعام والولائم ، قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : ( كنا نعد ( وفي رواية : نرى ) الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة ) . وإنما السنة أن يصنع الطعام من أحد أقارب المصابين أو جيرانهم ، يقدم إليهم بقدر حاجتهم من باب المواساة لهم لحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال : لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم أمر يشغلهم أو أتاهم ما يشغلهم ) . ثم لا ينبغي الجلوس للعزاء في مكان مخصص والإعلان عن ذلك ، وإنما يعزى المصاب إذا التقى به في أي مكان ويكون في الوقت القريب من حصول الوفاة والله أعلم .
الشيخ محفوظ رحمه الله : وأما اجتماع الرجال في المآتم لداعية الحزن على الميت فمعلوم أيضاً ما سيلزمه هذا الإجماع عادة من النفقات الطائلة لغرض المباهاة والرياء بإعداد محل الاجتماع وإحضار البسط والكراسي المذهبة ونحوها ولا شك في حرمة ذلك لما فيه من إضاعة المال لغير غرض صحيح ولا يفيد الميت شيئاً ويعود بالخسارة على أهله هذا إذا لم يكن في الورثة قاصر ، فما بالك إذا كان يقع فيهم قاصر وقد يتكلفون ذلك بالقرض بطريقة الربا ، نعوذ بالله من سخطه ، وإن ما يقع بعد الدفن من عمل المآتم ليلة أو ثلاثة مثلاً لا نزاع في أنه بدعة ، ولم يثبت عن الشارع ولا عن السلف أنهم جلسوا بقصد أن تذهب الناس لتعزيتهم ، وكانت سنته – صلى الله عليه وسلم – أن يدفن الرجل من أصحابه وينصرف كل إلى مصالحه . هذه كانت سنته ، وهذه كانت طريقته والله تعالى يقول : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ } (الأحزاب:21) فلنتأس به فيما ترك كما نتأسى به فيما فعل والجمهور على كراهة ذلك لأنه يجدد الحزن ويكلف المعزي – قال الإمام الأوزاعي : الحق أن الجلوس للتعزية على الوجه المتعارف في زماننا مكروه أو حرام .
العلماء المالكيّون : التصدي للعزاء بدعة ومكروه ، فأما إن قعد في بيته أو في المسجد محزونا من غير أن يتصدى للعزاء ، فلا بأس به فإنه لما جاء للنبي صلى الله عليه وسلم – نعي جعفر – جلس في المسجد محزونا وعزَّاه الناس " متفق عليه .قال مالك : " ولا بأس أن يبعث إلى أهل الميت طعام ، وسواء فيه القريب والبعيد ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه نعي جعفر قال : اصنعوا لآل جعفر طعاماً ، فإنه جاءهم ما يشغلهم عنه " رواه أبو داود والترمذي وهو صحيح . وهذا الطعام مستحب عند معظم العلماء ، لأن ذلك من البر والتقرب للأهل والجيران ، فكان مستحبا ، فأما إذا أصلح أهل الميت طعاماً ودعوا الناس إليه ، فلم يُنقل فيه من القدماء شيء وعندي أنه بدعة مكروه ، وقال أبو النصر الصباغ : لم يُنقل فيه شيء وهو بدعة غير مستحب " .
اللّجنة الدائمة : التعزية مشروعة ، وفيها تعاون على الصبر والمصيبة ، ولكن الجلوس للتعزية على الصفة المذكورة ، واتخاذ ذلك عادة لم يكن من عمل النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن من عمل أصحابه ، فما اعتاده الناس من الجلوس للتعزية حتى ظنوه دينا ، وانفقوا فيه الأموال الطائلة ، وقد تكون التركة ليتامى ، وعطلوا فيه مصالحهم ، ولاموا من لم يشاركهم ويفد إليهم ، كمن ترك شعيرة إسلامية ، هذا من البدع المحدثة ، التي ذمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في عموم قوله : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه ، وفي الحديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " رواه أبو داود والترمذي وهو صحيح ، فأمر باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده ، فهم لم يكونوا يفعلون ذلك ، وحذَّر من الإبتداع والإحداث في الدين ، وبين أنه ضلال ، فعلى المسلمين أن يتعاونوا على إنكار هذه العادات السيئة والقضاء عليها إتباعاً للسنة ، وحفظ الأموال والأوقات ، وبعداً من مثار الأحزان ، وعن التباهي بكثرة الذبائح ، ووفود المعزين ، وطول الجلسات ، وليسعهم ما وسع الصحابة والسلف الصالح من تعزية أهل الميت ، وتسليتهم والصدقة عنه والدعاء له بالمغفرة والرحمة .


الفقرة العاشرة ( حكم اللّباس الأسود في الجنائز و وقت التعزيّة )

لم يثبت لبس الأسود عند وفاة أحد في السنّة المطهرّة ، ولذلك عَدَّه العلماء من البدع .

منقول
الـتـعـزيـة و أحـكـامـهـا.. و الـبـدع الـتـي يجب تجنّبها




إظهار التوقيع
توقيع : ربي رضاك والجنة
#2

افتراضي رد: الـتـعـزيـة و أحـكـامـهـا.. و الـبـدع الـتـي يجب تجنّبها

تسلم ع الطرح الرائع وكثيرا ماتلهينا الدنيا عن استغلال منافذ الخير جعل الله ما كتبت في ميزان حسناتك أسعدك الله دنيا وآخرة
#3

افتراضي رد: الـتـعـزيـة و أحـكـامـهـا.. و الـبـدع الـتـي يجب تجنّبها

تسلم ع الطرح الرائع وكثيرا
#4

افتراضي رد: الـتـعـزيـة و أحـكـامـهـا.. و الـبـدع الـتـي يجب تجنّبها

جزاكي الله خيرا حبيبتي
إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5



الساعة الآن 05:22 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل