الموت في طريق الطلب: خير من العطب في طريق البطالة ما هذا! أدم السهر والصوم وخل لأربابه طول النوم وشمر في لحاق القوم فإذا وصلت إلى دوائك: أنخت بجناب يا هذا: عليك بإدمان الذكر لعل ذكرك القليل ينمى ذكره الجليل (وَلَذِكرُ اللَهِ أَكبَرُ)
يبقى العاصي نادماً على تفريطه مُحسر مثقل بحمل خطاياه وفي ذيل ذنوبه معثر فإذا دعي لقراءة كتابه رأى ما فيه من السيئات تحير ويرى غيره قد أمر به إلى النار مسحوب مجرجر فيندم فلا ينفع ويبكي فلا يُسمَعُ ولا يُرحم ولا يعذر فالعذاب الشديد لمن كد وطغى وتجبر ونصحتك فالتوبة التوبة فعسى بعد الكسر تجبر فهو المعين لمن لجأ إليه فله الحمد على ما قضى وقدر
يا هذا: طهر قلبك من الشوائب فالمحبة لا تلقى إلا في قلبٍ طاهر أما رأيت الزارع يتخير الأرض الطيبة ويسقيها ويرويها ثم يثيرها ويقلبها وكلما رأى حجراً ألقاه وكلما شاهد ما يؤذى نجاه ثم يلقى فيها البذر ويتعاهدها من طوارق الأذى وكذلك الحق عز وجل إذا أراد عبداً لوداده حصد من قلبه شوك الشرك وطهره من أوساخ الرياء والشك ثم يسقيه ماء التوبة والإنابة ويثيره بمسحأة الخوف والإخلاص فيستوي ظاهره وباطنه في التقى ثم يلقى فيه بذر الهدى فيثمر حب المحبة فحينئذ تحمد المعرفة وطناً ظاهراً وقوتاً طاهراً فيسكن لب القلب ويثبت به سلطانها
يا من نسي العهد القديم وخان من الذي سواك في صورة الإنسان من الذي غذاك في أعجب مكان من الذي بقدرته استقام الجثمان الذي بحكمته أبصرت العينان من الذي بصنعته سمعت الأذنان من الذي وهب العقل فاستبان للرشد وبان من الذي بارزته بالخطايا وهو يستر العصيان مَنِ الذي تركت شكره فلم يؤاخذ بالكفران
يا واقفاً مع الأماني ضيعت عمرك يا فارحاً بقصره تذكر قبرك يا حاملاً أثقال الذنوب هلا خففت ظهرك سار الصالحون إلى ذكرنا وآثرت هجرك وسمعت سيرهم وضيعت أجرك إن أردت صحبة المتقين فاشرح لليقين صدرك وإن أحببت حلاوة العواقب فاستعمل صبرك
يا من له قلبٌ ومات يا من كان له وقت وفات أشرف الأشياء قلبك ووقتك فإذا أهملت وَيَبكي عَلى الموتَى ويَترُكُ نفسه ويزعَمُ أَنَّ قَد قَلَّ عَنها عَزَاؤُهُ ولَو كانَ ذا رأىٍ وعقلٍ وَفِطنَةٍ لكانَ عَليهِ لا عَليهِم بُكَاؤُهُ
لله در أقوام أقبلوا بالقلوب على مقلبها وأقاموا النفوس بين يدي مؤدبها وسلموها إذا باعوها إلى صاحبها وأحضروا الآخرة فنظروا إلى غائبها وسهروا الليالي كأنهم وُكِّلوا بِرَعىِ كواكبها ونادوا أنفسهم صبراً على نار حطبها ومقتوا الدنيا فما مالوا إلى ملاعبها واشتاقوا إلى لقاء حبيبهم فاستطالوا مدة المقام بها