أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي الجزء التاسع عشر «هكذا علمني الإسلام وهكذا أدبني الإسلام»

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الدعاء،
وعلمني الإسلام الدعاء، وأمرني الله بذلك فقال: }ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً{ [الأعراف: 55].

والدعاء من أنواع العبادة، بل هو العبادة نفسها، أو هو مخها، فيقول الرسول r كما رواه الترمذي وصححه: «الدعاء هو العبادة».
وذلك أنه دليل العبودية، والاعتراف بالضعف أمام رب العالمين، وأنه لا حول ولا قوة له إلا به I، وأنه إذا أراد شيئاً كان، لا يمنعه مانع، وإذا لم يشأ لم يكن مهما حاول المرء، هو والآخرون، فأول الأمر وآخره بيده Y، وإذا لم يستجب فلا أمل للحصول على الطلب.
ومن يغفر الذنوب إلا الله؟
ومن يحيي ويميت سوى الله؟
ومن يشفي المريض إذ أبى الله؟
ومن يكشف الضر والبلاء إذا جاء القحط وغار الماء؟
ومن يزيد من العقل وينقص؟
ومن يعطي الولد ويمنع؟
ومن يحاسب يوم القيامة؟
ومن يدخل الناس الجنة أو النار؟
من بيده ملكوت كل شيء؟
من الأول والآخر، من الحي الذي لا يموت، من هو قيوم السماوات والأرض؟
من الذي يقول الشيء كن فيكون؟
إنه الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.
وهو الذي يدعى وحده I لا غير، إن شاء أعطى وإن شاء منع، فليتوجه إليه المرء بكل قلبه، وكل أحاسيسه ومشاعره وعواطفه، فهو الرب العظيم، والرؤوف الرحيم، وأنت العبد الفقير، الذي يمرض ويموت.
وهناك أدعية جميلة وجليلة كثيرة كان يدعو بها رسول الله r ويعلمها أصحابه، يحسن بالمسلم أن يحفظ كثيراً منها، ليدعو بها.
وقد روى أنس أنه كان أكثر دعاء النبي r: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» متفق عليه. وهذا من جوامع الدعاء الذي كان يحرص عليه رسول الله r.
ومن دعائه عليه الصلاة والسلام: «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك». رواه مسلم.
ومما أدبني به الإسلام أن أقول لمن صنع إلي معروفاً: «جزاك الله خيراً» فإن قلت ذلك فقد أبلغت في الثناء، حيث أظهرت عجزي عن مجازاته بأحسن ما أسدى إلي، وأحلته على ربي وربه.
و«دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة» كما رواه مسلم.
و«أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء» رواه مسلم أيضاً.
ولا يستعجل المسلم استجابة الدعاء، وليدعه الله الحكيم العليم، وليفكر بمطعمه ومشربه وملبسه هل هي حلال؟ لينظر موضع استجابة دعائه.
ومن أوقات الاستجابة جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات.
ودعاء الكرب كما علمنا رسول الله r هو: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم» متفق عليه.
أدب الكلام
وعلمني الإسلام أدب الكلام، فلا خير في كلام لا فائدة فيه، والملائكة يكتبون كل ما يقال، ويحاسب المرء على كل ما يقول، إن له أو عليه }إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً{ [الإسراء: 36].
يقول رسول الله r في الحديث المتفق عليه: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت».
قال الإمام النووي: هذا الحديث صريح في أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيراً، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم.
وقال في موضع آخر: اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه؛ لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء.
وأمر اللسان عظيم خطير، فإنه سبب لدخول النار، وقد سأل معاذ رسول الله r: يا رسول الله، إنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟
فقال r: «وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلى حصائد ألسنتهم؟» رواه الترمذي وصححه.
فاللسان يؤذي، وقد يكون سبباً في خراب بيوت، وهلاك أقوام، وحروب وفتن، وقطيعة وهجران، والمسلم يبتعد عن كل هذا، لأنه رجل سلام ومنفعة، لا إيذاء ومضرة. وقد سُئل رسول الله r: أي المسلمين أفضل؟ فقال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده». متفق عليه.
ومن صور الإيذاء باللسان ما يسمى بالغيبة، وهي أن تذكر أخاك المسلم بما يكرهه، ولو كان فيه ما تقول، فإنه إشاعة للبغض والشحناء، وزرع للفتن والأحقاد، وتفريق لشمل المجتمع الإسلامي، ولذلك كانت من الكبائر، ومثلها النميمة، وتعني نقل الكلام للإيقاع بين الأهل والإخوة، في الدين والقرابة.
ولا يجوز سماع الغيبة، بل ترد وينكر على قائلها، فإن عجز المرء عن الإنكار، أو لم يقبل منه، فارق ذلك المجلس إن أمكنه.
ولا تباح الغيبة إلا لغرض صحيح شرعي. كبيان ما وقع عليه من ظلم، والاستعانة على ترك المنكر.. وغير ذلك مما ذكره العلماء...
ونهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور إذا لم تدع إليه حاجة، كخوف مفسدة ونحوها.
وبئس الرجل ذو الوجهين، الذي يأتي كل طائفة ويظهر لهم أنه منهم ومخالف للآخرين مبغض. فإن أتى كل طائفة بالإصلاح فمحمود.
وانظر إلى هذا الخبر الذي رواه البخاري، لتحذر مما تفعله أو يفعله الآخرون، وتفكر في حال الإعلاميين، والصحفيين منهم خاصة.
فقد جاء ناس وسألوا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم [أي: نثني عليهم بحضورهم ونذمهم إذا خرجنا] فقال لهم: كنا نعد هذا نفاقاً على عهد رسول الله r.





الكذب
وأدبني الإسلام بأن أصدق، وحرم علي الكذب، فإن الصدق يهدي إلى الأعمال الصالحة، التي تؤدي إلى الجنة، والكذب يهدي إلى الوقوع في الخطايا والأعمال السيئة، التي تؤدي إلى النار.
والكذب من شيم المنافقين الذين يدعون الإيمان وهم على خلافه، فإن المنافق «إذا حدث كذب» كما في الحديث المتفق عليه.
ويبدو خطر الكذب من أنه قلب للحقائق، وتبديل للوقائع، وخيانة في النقل، فلا تكون هناك حياة صحيحة مع أمثال هؤلاء، ولا يستقيم أمر الناس بذلك، فلابد من الردع والاستنكار وبيان شناعة هذا الخلق ورفضه، وبيان ما وعد الله به من عقاب }وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ{ [البقرة: 10].
ومن ذلك قول الزور والشهادة بالبهتان، التي شدد فيها رسول الله r حتى عهدها من أكبر الكبائر.
وهناك حالات قليلة جداً ونادرة يجوز فيها الكذب، ذكرها الفقهاء بشروطها، كمسلم اختفى من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله... فوجب الكذب بإخفائه، وكمن يصلح بين الناس... لكن مادام الأمر المحمود يمكن تحصيله بغير الكذب فإنه يحرم الكذب فيه.
وليحترس المرء من الكلام الكثير وليتثبت مما يقوله ويحكيه، فإن رسول الله r يقول: «كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع». رواه مسلم.
ومن صور الكذب التزوير على الناس، بأن يتزيا بزي أهل الزهد أو العلم أو الثروة، ليغتر به الناس، وليس هو بتلك الصفة، كما ذكره الإمام النووي رحمه الله.
كما علمني الإسلام أن أثبت مما أسمعه أو ما ينقل إلي، فإذا سمعت خبراً من فاسق تبينت هل هو صحيح أم لا؟ والفاسق هو الذي لا يطبق كل واجبات الإسلام؟ فكيف إذا كان مصدر الخبر منافقاً أو كافراً؟ فهو بالتأكيد لا يريد مصلحة الإسلام والمسلمين.
وانظر بعد ذلك مصادر الأخبار في عصرنا، ووكالات الأنباء، والقنوات الفضائية، وما إليها من وسائل الإعلام، وهي في معظمها بيد أعدائنا، ومدى الفداحة التي تصيب ديار الإسلام وأهله بذلك، وما أكثر من يصدقها، وينقلها، فيساعدهم بذلك في هدم كياننا، وإشاعة الكذب بين أهلنا، وفي ذلك تقويتهم وضعفنا.

من كتاب علمني الإسلام




لمحمد خير يوسف




#2

افتراضي رد: الجزء التاسع عشر «هكذا علمني الإسلام وهكذا أدبني الإسلام»

بارك الله فيكِ واسعدكِ
إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
الجزء الرابع عشر «هكذا علمني الإسلام وهكذا أدبني الإسلام» راجين الهدي المنتدي الاسلامي العام
الجزء الخامس عشر «هكذا علمني الإسلام وهكذا أدبني الإسلام» راجين الهدي المنتدي الاسلامي العام
الجزء الثالث عشر «هكذا علمني الإسلام وهكذا أدبني الإسلام» راجين الهدي المنتدي الاسلامي العام
الجزء الثالث من «هكذا علمني الإسلام وهكذا أدبني الإسلام» راجين الهدي المنتدي الاسلامي العام
«هكذا علمني الإسلام وهكذا أدبني الإسلام" الجزء الثانى راجين الهدي المنتدي الاسلامي العام


الساعة الآن 06:55 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل