كثير من الناس يتبعون المنتصر بدون سماع حجته
(وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ. لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ.)
الهزائم المادية ليست عبرة .
الحكم في الدين لا يخلو من مداخل الهوى، ولو على فقيه صالح، وهذا خطاب الله لنبيه داود : {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } .وأي هوى يُخشى منه على نبي، ثم يسلم منه ولي !
لا حرمة للأسرار إن خرجت عن حكم الله فيجب إظهارها للمتضرر بها،جاء رجل لموسى وقال :{ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ }
{ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ }
لو كان كشف مدخرات الناس محرما ما جاز لعيسى كشفها،
وهذا حل لدرء فساد المال العام فالحلال لايُستحى منه .
كثيرٌ من الناصحين تصدر نصائحهم عن إيمان، وسلامة قلب، وغيرة خالصة، مع غرارة وغفلة عمَّا أُوتِي مانِعو النصيحة من فجور وحذاقة، وفي السنن عنه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجر خِبٌّ لئيم )) والحاجة متحتِّمة للناصح باليقَظَة والفِطنة، وتَمام الدراية، خاصَّة في زمن يَكثُر فيه المتربِّصون بالحق وأهله، وهذا طريق الأنبياء في الخروج من كيد المتربِّصين: كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ [يوسف: 76]، وكيده كيدٌ مشروع لصدِّ كيدٍ ممنوع،
ومع هذا، فغرارةٌ مع إيمانٍ أنفعُ في الدين والدنيا من حذاقةٍ مع فجور
النية الحسنة لا تشفع للعمل أن يُصيب الحق، وفي الأثر:
(وكم من مريد للخير لن يصيبه)
يضعف الإنسان في الحق لولا تثبيت الله له ويخاف ويقلق قال الله لموسى:
عندما رأى العصا (لاتخف) وعند رؤية السحرة (لاتخف) ووعند فلق البحر (لاتخاف)
(وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ; يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ )
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى)
(وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى)
إمهال الله للظالم قد يطول ولكن أخذه له فجأة ومباغتة
(فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ )
وهكذا كلما ذكر الله عقوبته لظالم ذكر ما يُفيد المفاجأة بها
صراع الأنبياء بدأ مع رؤوس الناس وليس مع العامة
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)
إذا كان الظالم رأسا لاتنزل العقوبة عليه وحده
بل على نظامه وكل ما له صلة فيه
(وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ)
تغيير تام
كل رأي له أتباع ولو دعاهم إلى عبادة الشيطان وتوحيده ..
الخلاف ليس في بداية حرية الرأي وإنما في نهايته
شبّه الله بعض الضُلّال بالبهائم:
(إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا)
فيه رسالة للراعي أن يرأف بها وأن يذودها عن مراعي الخطر ولو كرهت
من الحكمة في عدم أخذ الله الطاغية في طرفة عين
أن يعذبه الله كل لحظة وهو يرى زوال ملكه وجبروته يتساقط أمامه حجراً حجرا فهو يموت كل لحظة مرات
آسية امرأة فرعون .. اختارت جارها قبل دارها
(امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي )عِندَكَ( بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ)
وخافت من شؤم فرعون يتبعها (وَنَجِّنِي من فرعون)
الغالب أن الله لا يُهلك الحضارات إلا في مرحلة اكتمالها وغاية بطرها،
فيُرجعها الله إلى بداياتها
(وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا )
التشبّث بالملك يوازي التشبث بأصل الحياة، لذا سمى الله زواله نزعاً
{ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء } كنزع الروح،
قال الفضيل : قلع جبل بالإبر أهون من قلع الرئاسة.
لا يستطيعون محاربة الإسلام بنفسه،
فيحاربونه تحت ستار محاربة تصرفات أهله ونقدها ..
المنافقون في زمن النبوة سلكوا نفس المسلك
القلب يقبض ثمن قول الحق كما تقبضه اليد، وثمن القلب الذي يقبضه المدح والثناء ..
ومن اهتم بهذا الثمن توقف عن الحق إذا توقف ثمنه