من صور الكذب

من صور الكذب

الحمد لله رب العالمين ، ولي الصالحين ، يحب الصادقين .
والصلاة والسلام على نبينا محمد ، الذي حثنا على الصدق وحذرنا من الكذب .
أما بعد ..
فبين وقت وآخر تشاهد في بعض الناس بعض الأخلاق التي تحتاج إلى تصحيح وتعديل ، ولعلّ من تلك الأخلاقِ المذمومةِ خلق الكذب .
يقولُ العلماء : الكذبُ هو الإخبارُ بغير الحقيقة .
والكذبُ من صفاتِ المنافقين ، كما في الحديث ( آية المنافق ثلاث ، وذكر منها ، وإذا حدث كذب ..) رواه البخاري ومسلم .
والكذبُ يسقطُ الثقةَ بك عند مجتمعك لأن الناس يكرهون الكاذب .
والكذبُ حبله قصير كما يقال ، وسوفَ يكتشفُ الناس ذلك ، وبعد ذلك ينفضحُ أمرك وتنكشفُ قصتك التي حاولتَ أخفاءها .
عباد الله ..
إن للكذبِِ صور ..
فمن صورِ الكذب :
الكذبُ على الشريعةِ كمن يتكلم في الدين بلا علم ويكذبُ على الله ، ويحلل ويحرم بلا دليل شرعي ، وهذا من أقبحِ أنواعِ الكذب .
قال تعالى ( ولاتقولوا لما تصفُ ألسنتكم الكذبَ هذا حلالٌ وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ) .
والعجبُ من بعض الناس تجده لايتكلم فيما لايحسن من أمور الدنيا كالطب والهندسة ونحوها ، لأنه غير متخصص فيها ، ولكنه يتكلم في الشريعة والحلال والحرام ولايبالي وكأنه درسَ الشريعةَ كلها .
ومن صور الكذب :
الكذبُ على النبي صلى الله عليه وسلم بنشر الأحاديث الضعيفةِ والمكذوبة ، وهذا على خطر عظيم ، وفي الحديث الصحيح المتواتر ( من قال علي مالم أقل فليبتوأ مقعده من النار ) متفق عليه .
والواجب هنا ، هو التوقف والتأني قبل نقل الحديث النبوي ، حتى تتأكد من صحته ثم بعد ذلك انقله كما تحب .
ومن صور الكذب :
الكذبُ في البيع والشراء ، بل ومنهم من يحلف بالله كاذباً ، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ثلاثةٌ لايكلمهم الله يوم القيامة ولايزكيهم ، وذكر منهم والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) رواه مسلم .
ومن صور الكذب :
الكذبُ في المنام ، كأن تزعم أنك رأيتَ كذا وكذا ، وفي هذا وعيد شديد ، جاء في الحديث ( من ّتحلم حلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ) يعني يوم القيامة . رواه البخاري .
وسبب التشديد هنا ، لأنه يزعم أن الله أراه تلك الرؤيا وهو كاذب .
ومن صور الكذب :
نشر الكلام بين الناس بدون تثبت ، وخاصةً في مواقع التواصل لأنها أسرع في الانتشار.
وفي الحديث الصحيح ( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ماسمع ) رواه مسلم .
ومن صور الكذب :
الكذبُ في المزاح ، فهذا يأتي بالقصصِ المكذوبة ليضحك الناس .
وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم ( ويلٌ له ويلٌ له ويلٌ له ، قيل : لمن يا رسول الله ؟
قال : لمن يحدث فيكذب ليضحك القوم ) . رواه أحمد بسند صحيح .
وانظر للحديث الآخر : أنا زعيمٌ ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً . رواه أبو داود بسند حسن .
ومن صور الكذب :
الكذبُ في الشهادة وهو مايسمّى بشهادة الزور وهي من كبائر الذنوب كما صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم .
ومن صور الكذب :
الكذبُ على الأبناء بأن تعدهم بشيء ولاتفي بذلك .
وتأمل هذا الموقف :
عن عبدالله بن عامر أنه قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأنا صبي .
قال : فذهبت أخرج لألعب .
فقالت أمي : يا عبد الله ، تعال أعطك.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما أردت أن تعطيه ؟ قالت : أعطيه تمراً .
فقال صلى الله عليه وسلم : " أما إنك لو لم تفعلي كُتبت عليك كذبة ". رواه أحمد بسند حسن .
أيها الفضلاء ..
إن الكذب له مفاسد كثيرة ، فمنها :
١- أنه يوقع صاحبه في الإثم ، كما في الحديث " وإن الكذب يهدي للفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار " رواه مسلم .
٢- أنه يُعّرضُ صاحبه للإهانة بين مجتمعه .
٣- أنه يسببُ العداوة بين المجتمعات ، وخاصةً إذا نقل الكلامَ بينهم بدون تثبت فكان نمّاماً .
اللهم جنبنا الكذب ، واجعلنا من عبادك الصادقين .

الحمد لله ،،
عباد الله ، ياترى لماذا يقع بعض الناس في الكذب ؟
١- قد يكونُ السببُ هو الدفاعُ عن النفسِ حينما يقعُ المرءُ في ورطةٍ في عملهِ أو بين مجتمعهِ ، فيرى أن الكذبَ هو المخرجُ من تلك المشكلة .
وهذا غيرُ صحيح ، لأن الكذبَ لن يدوم ، وفي الغالبِ أن الناسَ سيكتشفون ذلك ولو بعد حين .
٢- وقد يكونُ الحسدُ هو سببٌ الكذب ، وذلك لإسقاطِ الآخرين والحطِّ من قدرهم .
٣- وقد يكونُ الانتقامُ سببٌ للكذب ، وذلك لإيصال الأذية بالآخرين ، فلايجد إلا الكذبَ عليهم .
ولكن ليعلم هذا الكاذب أن هذا من الظلم الذي حرمه الله ، وأن الله سينتقم لهذا المظلوم ولو بعد حين.




.....
اللهم إنا نسألك أن تطهر قلوبنا من الأحقاد ، وألستنا من الكذب .
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها .
اللهم ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء .
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .