أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرطه من 113:135


حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير  تفسيرطه من 113:135

۞حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير

تفسيرطه من 113:135

حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير  تفسيرطه من 113:135

وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ( 113 ) .
أي: وكذلك أنزلنا هذا الكتاب، باللسان الفاضل العربي، الذي تفهمونه وتفقهونه، ولا يخفى عليكم لفظه، ولا معناه.
( وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ ) أي: نوعناها أنواعا كثيرة، تارة بذكر أسمائه الدالة على العدل والانتقام، وتارة بذكر المثلات التي أحلها بالأمم السابقة، وأمر أن تعتبر بها الأمم اللاحقة، وتارة بذكر آثار الذنوب، وما تكسبه من العيوب، وتارة بذكر أهوال القيامة، وما فيها من المزعجات والمقلقات، وتارة بذكر جهنم وما فيها من أنوع العقاب وأصناف العذاب، كل هذا رحمة بالعباد، لعلهم يتقون الله فيتركون من الشر والمعاصي ما يضرهم، ( أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ) فيعملون من الطاعات والخير ما ينفعهم، فكونه عربيا، وكونه مصرفا فيه [ من ] الوعيد، أكبر سبب، وأعظم داع للتقوى والعمل الصالح، فلو كان غير عربي، أو غير مصرف فيه، لم يكن له هذا الأثر.

فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ( 114 ) .
لما ذكر تعالى حكمه الجزائي في عباده، وحكمه الأمري الديني، الذي أنزله في كتابه، وكان هذا من آثار ملكه قال: ( فَتَعَالَى اللَّهُ ) أي: جل وارتفع وتقدس عن كل نقص وآفة، ( الْمَلِكُ ) الذي الملك وصفه، والخلق كلهم مماليك له، وأحكام الملك القدرية والشرعية، نافذة فيهم.
( الْحَقُّ ) أي: وجوده وملكه وكماله حق، فصفات الكمال، لا تكون حقيقة إلا لذي الجلال، ومن ذلك: الملك، فإن غيره من الخلق، وإن كان له ملك في بعض الأوقات، على بعض الأشياء، فإنه ملك قاصر باطل يزول، وأما الرب، فلا يزال ولا يزول ملكا حيا قيوما جليلا.
( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) أي: لا تبادر بتلقف القرآن حين يتلوه عليك جبريل، واصبر حتى يفرغ منه، فإذا فرغ منه فاقرأه، فإن الله قد ضمن لك جمعه في صدرك وقراءتك إياه، كما قال تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ولما كانت عجلته صلى الله عليه وسلم على تلقف الوحي ومبادرته إليه تدل على محبته التامة للعلم وحرصه عليه أمره الله تعالى أن يسأله زيادة العلم فإن العلم خير وكثرة الخير مطلوبة وهي من الله والطريق إليها الاجتهاد والشوق للعلم وسؤال الله والاستعانة به والافتقار إليه في كل وقت
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة الأدب في تلقي العلم وأن المستمع للعلم ينبغي له أن يتأنى ويصبر حتى يفرغ المملي والمعلم من كلامه المتصل بعضه ببعض فإذا فرغ منه سأل إن كان عنده سؤال ولا يبادر بالسؤال وقطع كلام ملقي العلم فإنه سبب للحرمان وكذلك المسئول ينبغي له أن يستملي سؤال السائل ويعرف المقصود منه قبل الجواب فإن ذلك سبب لإصابة الصواب
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ( 115 ) .
أي: ولقد وصينا آدم وأمرناه، وعهدنا إليه عهدا ليقوم به، فالتزمه، وأذعن له وانقاد، وعزم على القيام به، ومع ذلك نسي ما أمر به، وانتقضت عزيمته المحكمة، فجرى عليه ما جرى، فصار عبرة لذريته، وصارت طبائعهم مثل طبيعته، نسي آدم فنسيت ذريته، وخطئ فخطئوا، ولم يثبت على العزم المؤكد، وهم كذلك، وبادر بالتوبة من خطيئته، وأقر بها واعترف، فغفرت له، ومن يشابه أباه فما ظلم.
ثم ذكر تفصيل ما أجمله فقال:
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى ( 116 ) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ( 117 ) إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى ( 118 ) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ( 119 ) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ( 120 ) فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ( 121 ) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ( 122 ) .
أي: لما أكمل خلق آدم بيده، وعلمه الأسماء، وفضله، وكرمه، أمر الملائكة بالسجود له، إكراما وتعظيما وإجلالا فبادروا بالسجود ممتثلين، وكان بينهم إبليس، فاستكبر عن أمر ربه، وامتنع من السجود لآدم وقال: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فتبينت حينئذ، عداوته البليغة لآدم وزوجه، لما كان عدوا لله، وظهر من حسده، ما كان سبب العداوة، فحذر الله آدم وزوجه منه، وقال ( لا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ) إذا أخرجت منها، فإن لك فيها الرزق الهني، والراحة التامة.
( إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) أي: تصيبك الشمس بحرها، فضمن له استمرار الطعام والشراب، والكسوة، والماء، وعدم التعب والنصب، ولكنه نهاه عن أكل شجرة معينة فقال: وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فلم يزل الشيطان يسول لهما، ويزين أكل الشجرة، ويقول: ( هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ) أي: الشجرة التي من أكل منها خلد في الجنة. ( وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ) أي: لا ينقطع إذا أكلت منها، فأتاه بصورة ناصح، وتلطف له في الكلام، فاغتر به آدم، وأكلا من الشجرة فسقط في أيديهما، وسقطت كسوتهما، واتضحت معصيتهما، وبدا لكل منهما سوأة الآخر، بعد أن كانا مستورين، وجعلا يخصفان على أنفسهما من ورق أشجار الجنة ليستترا بذلك، وأصابهما من الخجل ما الله به عليم.
( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) فبادرا إلى التوبة والإنابة، وقالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ فاجتباه ربه، واختاره، ويسر له التوبة ( فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ) فكان بعد التوبة أحسن منه قبلها، ورجع كيد العدو عليه، وبطل مكره، فتمت النعمة عليه وعلى ذريته، ووجب عليهم القيام بها والاعتراف، وأن يكونوا على حذر من هذا العدو المرابط الملازم لهم، ليلا ونهارا يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ( 123 ) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ( 124 ) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ( 125 ) .
يخبر تعالى، أنه أمر آدم وإبليس أن يهبطا إلى الأرض، وأن يتخذوا [ آدم وبنوه ] الشيطان عدوا لهم، فيأخذوا الحذر منه، ويعدوا له عدته ويحاربوه، وأنه سينزل عليهم كتبا، ويرسل إليهم رسلا يبينون لهم الطريق المستقيم الموصلة إليه وإلى جنته، ويحذرونهم من هذا العدو المبين، وأنهم أي: وقت جاءهم ذلك الهدى، الذي هو الكتب والرسل، فإن من اتبعه اتبع ما أمر به، واجتنب ما نهي عنه، فإنه لا يضل في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يشقى فيهما، بل قد هدي إلى صراط مستقيم، في الدنيا والآخرة، وله السعادة والأمن في الآخرة.
وقد نفى عنه الخوف والحزن في آية أخرى، بقوله: فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ واتباع الهدى، بتصديق الخبر، وعدم معارضته بالشبه، وامتثال الأمر بأن لا يعارضه بشهوة.
( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي ) أي: كتابي الذي يتذكر به جميع المطالب العالية، وأن يتركه على وجه الإعراض عنه، أو ما هو أعظم من ذلك، بأن يكون على وجه الإنكار له، والكفر به ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) أي: فإن جزاءه، أن نجعل معيشته ضيقة مشقة، ولا يكون ذلك إلا عذابا.
وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر، وأنه يضيق عليه قبره، ويحصر فيه ويعذب، جزاء لإعراضه عن ذكر ربه، وهذه إحدى الآيات الدالة على عذاب القبر. والثانية قوله تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ الآية. والثالثة قوله: وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ والرابعة قوله عن آل فرعون: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا الآية.
والذي أوجب لمن فسرها بعذاب القبر فقط من السلف، وقصرها على ذلك - والله أعلم- آخر الآية، وأن الله ذكر في آخرها عذاب يوم القيامة. وبعض المفسرين، يرى أن المعيشة الضنك، عامة في دار الدنيا، بما يصيب المعرض عن ذكر ربه، من الهموم والغموم والآلام، التي هي عذاب معجل، وفي دار البرزخ، وفي الدار الآخرة، لإطلاق المعيشة الضنك، وعدم تقييدها. ( وَنَحْشُرُهُ ) أي: هذا المعرض عن ذكر ربه ( يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) البصر على الصحيح، كما قال تعالى: وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا .
قال على وجه الذل والمراجعة والتألم والضجر من هذه الحالة: ( رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ ) في دار الدنيا ( بَصِيرًا ) فما الذي صيرني إلى هذه الحالة البشعة.

قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ( 126 ) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ( 127 ) .
( قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ) بإعراضك عنها ( وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) أي: تترك في العذاب، فأجيب، بأن هذا هو عين عملك، والجزاء من جنس العمل، فكما عميت عن ذكر ربك، وعشيت عنه ونسيته ونسيت حظك منه، أعمى الله بصرك في الآخرة، فحشرت إلى النار أعمى، أصم، أبكم، وأعرض عنك، ونسيك في العذاب.
( وَكَذَلِكَ ) أي: هذا الجزاء ( نَجْزِي ) به ( مَنْ أَسْرَفَ ) بأن تعدى الحدود، وارتكب المحارم وجاوز ما أذن له ( وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ ) الدالة على جميع مطالب الإيمان دلالة واضحة صريحة، فالله لم يظلمه ولم يضع العقوبة في غير محلها، وإنما السبب إسرافه وعدم إيمانه.
( وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ ) من عذاب الدنيا أضعافا مضاعفة ( وَأَبْقَى ) لكونه لا ينقطع، بخلاف عذاب الدنيا فإنه منقطع، فالواجب الخوف والحذر من عذاب الآخرة.
أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُولِي النُّهَى ( 128 ) .
أي: أفلم يهد هؤلاء المكذبين المعرضين، ويدلهم على سلوك طريق الرشاد، وتجنب طريق الغي والفساد، ما أحل الله بالمكذبين قبلهم، من القرون الخالية، والأمم المتتابعة، الذين يعرفون قصصهم، ويتناقلون أسمارهم، وينظرون بأعينهم، مساكنهم من بعدهم، كقوم هود وصالح ولوط وغيرهم، وأنهم لما كذبوا رسلنا، وأعرضوا عن كتبنا، أصبناهم بالعذاب الأليم؟
فما الذي يؤمن هؤلاء، أن يحل بهم، ما حل بأولئك؟ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ * أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ لا شيء من هذا كله فليس هؤلاء الكفار خيرا من أولئك حتى يدفع عنهم العذاب بخيرهم بل هم شر منهم لأنهم كفروا بأشرف الرسل وخير الكتب وليس لهم براءة مزبورة وعهد عند الله وليسوا كما يقولون أن جمعهم ينفعهم ويدفع عنهم بل هم أذل وأحقر من ذلك فإهلاك القرون الماضية بذنوبهم من أسباب الهداية لكونها من الآيات الدالة على صحة رسالة الرسل الذين جاءوهم وبطلان ما هم عليه ولكن ما كل أحد ينتفع بالآيات إنما ينتفع بها أولو النهى أي العقول السليمة والفطر المستقيمة والألباب التي تزجر أصحابها عما لا ينبغي
وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى ( 129 ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ( 130 ) .
هذا تسلية للرسول، وتصبير له عن المبادرة إلى إهلاك المكذبين المعرضين، وأن كفرهم وتكذيبهم سبب صالح لحلول العذاب بهم، ولزومه لهم، لأن الله جعل العقوبات سببا وناشئا عن الذنوب، ملازما لها، وهؤلاء قد أتوا بالسبب، ولكن الذي أخره عنهم كلمة ربك، المتضمنة لإمهالهم وتأخيرهم، وضرب الأجل المسمى، فالأجل المسمى ونفوذ كلمة الله، هو الذي أخر عنهم العقوبة إلى إبان وقتها، ولعلهم يراجعون أمر الله، فيتوب عليهم، ويرفع عنهم العقوبة، إذا لم تحق عليهم الكلمة.
ولهذا أمر الله رسوله بالصبر على أذيتهم بالقول، وأمره أن يتعوض عن ذلك، ويستعين عليه بالتسبيح بحمد ربه، في هذه الأوقات الفاضلة، قبل طلوع الشمس وغروبها، وفي أطراف النهار، أوله وآخره، عموم بعد خصوص، وأوقات الليل وساعاته، لعلك إن فعلت ذلك، ترضى بما يعطيك ربك من الثواب العاجل والآجل، وليطمئن قلبك، وتقر عينك بعبادة ربك، وتتسلى بها عن أذيتهم، فيخف حينئذ عليك الصبر.
وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ( 131 ) .
أي: لا تمد عينيك معجبا، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والممتعين بها، من المآكل والمشارب اللذيذة، والملابس الفاخرة، والبيوت المزخرفة، والنساء المجملة، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا، تبتهج بها نفوس المغترين، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين، ويتمتع بها - بقطع النظر عن الآخرة - القوم الظالمون، ثم تذهب سريعا، وتمضي جميعا، وتقتل محبيها وعشاقها، فيندمون حيث لا تنفع الندامة، ويعلمون ما هم عليه إذا قدموا في القيامة، وإنما جعلها الله فتنة واختبارا، ليعلم من يقف عندها ويغتر بها، ومن هو أحسن عملا كما قال تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا
( وَرِزْقُ رَبِّكَ ) العاجل من العلم والإيمان وحقائق الأعمال الصالحة والآجل من النعيم المقيم والعيش السليم في جوار الرب الرحيم ( خير ) مما متعنا به أزواجا في ذاته وصفاته ( وَأَبْقَى ) لكونه لا ينقطع أكلها دائم وظلها كما قال تعالى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى
وفي هذه الآية إشارة إلى أن العبد إذا رأى من نفسه طموحا إلى زينة الدنيا وإقبالا عليها أن يذكرها ما أمامها من رزق ربه وأن يوازن بين هذا وهذا
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ( 132 ) .
أي: حث أهلك على الصلاة، وأزعجهم إليها من فرض ونفل والأمر بالشيء، أمر بجميع ما لا يتم إلا به، فيكون أمرا بتعليمهم، ما يصلح الصلاة ويفسدها ويكملها.
( وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) أي: على الصلاة بإقامتها، بحدودها وأركانها وآدابها وخشوعها، فإن ذلك مشق على النفس، ولكن ينبغي إكراهها وجهادها على ذلك، والصبر معها دائما، فإن العبد إذا أقام صلاته على الوجه المأمور به، كان لما سواها من دينه أحفظ وأقوم، وإذا ضيعها كان لما سواها أضيع، ثم ضمن تعالى لرسوله الرزق، وأن لا يشغله الاهتمام به عن إقامة دينه، فقال: ( نَحْنُ نَرْزُقُكَ ) أي: رزقك علينا قد تكفلنا به، كما تكفلنا بأرزاق الخلائق كلهم، فكيف بمن قام بأمرنا، واشتغل بذكرنا؟! ورزق الله عام للمتقي وغيره، فينبغي الاهتمام بما يجلب السعادة الأبدية، وهو: التقوى، ولهذا قال: ( وَالْعَاقِبَةُ ) في الدنيا والآخرة ( لِلتَّقْوَى ) التي هي فعل المأمور وترك المنهي، فمن قام بها، كان له العاقبة، كما قال تعالى ( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )
وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى ( 133 ) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ( 134 ) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى ( 135 ) .
أي: قال المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم: هلا يأتينا بآية من ربه؟ يعنون آيات الاقتراح كقولهم: وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا
وهذا تعنت منهم وعناد وظلم فإنهم هم والرسول بشر عبيد لله فلا يليق منهم الاقتراح بحسب أهوائهم وإنما الذي ينزلها ويختار منها ما يختار بحسب حكمته هو الله
ولأن قولهم ( لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ ) يقتضي أنه لم يأتهم بآية على صدقه ولا بينة على حقه وهذا كذب وافتراء فإنه أتى من المعجزات الباهرات والآيات القاهرات ما يحصل ببعضه المقصود ولهذا قال ( أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ ) إن كانوا صادقين في قولهم وأنهم يطلبون الحق بدليله ( بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأولَى ) أي هذا القرآن العظيم المصدق لما في الصحف الأولى من التوراة والإنجيل والكتب السابقة المطابق لها المخبر بما أخبرت به وتصديقه أيضا مذكور فيها ومبشر بالرسول بها وهذا كقوله تعالى أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فالآيات تنفع المؤمنين ويزداد بها إيمانهم وإيقانهم وأما المعرضون عنها المعارضون لها فلا يؤمنون بها ولا ينتفعون بها إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ
وإنما الفائدة في سوقها إليهم ومخاطبتهم بها، لتقوم عليهم حجة الله، ولئلا يقولوا حين ينزل بهم العذاب: ( لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ) بالعقوبة، فها قد جاءكم رسولي ومعه آياتي وبراهيني، فإن كنتم كما تقولون، فصدقوه.
قل يا محمد مخاطبا للمكذبين لك الذين يقولون تربصوا به ريب المنون ( قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ ) فتربصوا بي الموت، وأنا أتربص بكم العذاب قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ أي: الظفر أو الشهادة وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا ( فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ ) أي: المستقيم، ( وَمَنِ اهْتَدَى ) بسلوكه، أنا أم أنتم؟ فإن صاحبه هو الفائز الراشد، الناجي المفلح، ومن حاد عنه خاسر خائب معذب، وقد علم أن الرسول هو الذي بهذه الحالة، وأعداؤه بخلافه، والله أعلم.





















تفسير السعدي
حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير  تفسيرطه من 113:135





إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#2

افتراضي رد: حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرطه من 113:

رد: حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير  تفسيرطه من 113:

إظهار التوقيع
توقيع : مريم 2


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرمريم من 37:50 أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرمريم من 67:87 أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرطه من 84:112 أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرطه من 49:82 أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرالكهف من29:44 أم أمة الله القرآن الكريم


الساعة الآن 03:28 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل